أكتب إليكِ..
منذ وقتٍ طويلٍ لم أكتب إليكِ.
أنا على ما يُرام،
على شاكلة “أنا بخير”،
أرسم بها البرواز لتكتمل الصّورة.
كتبت اليوم لسببٍ وحيد،
يشبه الشّعور
الّذي يدفعني كلّ مرّة
لأفتح حديثي معكِ،
على سطورٍ تنصت عادةً
ولا تُلقي لكلماتي بالًا
السّبب..
أُخفيه خلف ملامح جامدة،
وعيونٍ لا تعرف البكاء.
اعتدتُ الهروب بعيدًا،
لا أعرف ممَّن أهرب،
ولا إلى أين.
لكنّها مسافاتٌ تمنحني قوّتك
أنا صندوقٌ ممتلئٌ بصوتكِ وبصمتكِ،
منديلٌ تدرّب على إخفاء جانبٍ
تقسمه قشّة
لقد تحمّلتُ كثيرًا،
لم أُظهر شيئًا،
كنتُ قويّة أكثر مما ينبغي،
وفوق ذلك،
يؤلمني جفاءٌ
لا أُبدي منه تأثّرًا يُلحظ
أبكي في الخفاء كثيرًا،
حتّى بكت صورتكِ، وعانقني ظلّك
أنا حزينة.. يا أمّي،
حزينة على أُمنياتٍ تموت،
وأيامٍ تنطفئ،
وسنواتٍ ترحل،
وتجاعيدٍ على وجهٍ لم يحيَ،
وشيبٍ على ليلٍ طويل.
أكتب لكِ لأخبركِ
عن أمنياتٍ وُئدت،
عن صوتٍ يجرّني للخلف،
وعن صوتٍ يغتالني بصمت،
وصوتٍ يضلّلني الطّريق.
أدور الآن في الفراغ،
كظلّي المكسور.
أشتاقُ لصوتكِ..
هل تسمعيني يا أمّي؟
أردتُ أن أُعانقكِ.. لأطمئن،
أردتُ أن تعانقيني.. لأبكي.
الجميع هنا،
لكنّني بعيدة..
بعيدة عند مقعدكِ
الّذي ما زال يحمل دفئكِ
بين التّفاصيل الّتي تركتِها خلفك،
الّتي تأنس بي وتألفني،
أحتضن الشّراشفَ،
الّتي تحمل رائحة حضورك.
تراقبني الجدرانُ
الّتي ما زالت تحفظ ملامحك،
ومضجعكِ الّذي ما زال
ينتظر عودتكِ،
الجميع هنا،
لكنّني بعيدة..
بعيدة خلف صمتٍ طويل،
ومسافاتٍ تمنعني
لو أردتُ أن أقترب.
أنا هناك،
عند آخر عناقٍ غمرني،
عند صوتكِ الّذي يمتدّ
من حبٍّ إلى حبٍّ،
كأنّه العناق الأخير
أعطاني الحبَّ ذاته دفعةً واحدة،
وغادر..
تاركًا خلفه فراغًا في الدّاخل
تلك الغمرة
ما زالت حجرًا بيني وبين العالم،
كأنّها آخر دفءٍ وطمأنينة
سمح لي بهما قلبك
قرأتهما في عينيكِ، قبل الفراق،
وغادرا بعدها… للأبد.
نجلاء محجوب
Naglaa Mahgoub





































