وها نحْن مِن جَدِيد، بين أَزْهَارِ الكَلِمَةِ وَأَنْوَارِ المَكَانِ، نَسْتَظِلُّ بِظِلِّ شَاعِرَةٍ تَنْسُجُ العَالَمَ مِنْ ضُوءِ الذَّاكِرَةِ وَبَرَاقِ الشِّعْرِ، وَفَنَّانَةٍ تَرْسُمُ الْأَحَاسِيسَ بِرِيشَةِ الْوَجْدِ وَأَلْوَانِ الرُّوحِ. إنَّهَا سُلَيْمَى السَّرَايِرِي وَاحَةٌ مِنَ الصَّفَاءِ، وَمَعْبَرٌ إِلَى جَمَالٍ لَا يَعْرِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَقِيًّا كَالنَّدَى.
فِي قَصِيدَتِهَا “أَنَا آخِرُ أُنْثَى بَلَّوْرِيَّة”، لَا تَرْوِي سُلَيْمَى حَكَايَةَ امْرَأَةٍ فَحَسْبُ، بَلْ تَخْلُقُ كَوْنًا تَصِيرُ فِيهِ الأُنُوثَةُ نُورًا يُشْبِهُ الغُيُومَ وَيَحْمِلُ بَذْرَةَ الأَبَدِ. كَمَا قَالَ النَّاقِدُ عَمْرُو حَسَنٌ: “هِيَ لَا تَكْتُبُ بِالحُرُوفِ، بَلْ بِالشَّفَافِيَّةِ… صَوْتُهَا لَا يَعْتَذِرُ عَنِ اشْتِيَاقِهِ، بَلْ يَكْتُبُهُ عَارِيًا، عَاشِقًا، صَادِقًا.”
شِعْرُهَا لَيْسَ زِينَةً لِلُغَةٍ، بَلْ طَقْسٌ مِنَ الطُّهْرِ، حَيْثُ يَصِيرُ الحُبُّ سَاقِيَةً لِلرُّوحِ، وَالكَلِمَةُ مِرْآةً تَرَى فِيهَا الأُنْثَى نَفْسَهَا: وَرْدَةً لَا تَخْشَى المَطَرَ.
هي كَفَنَّانَةٍ تَشْكِيلِيَّةٍ، تَحْمِلُ سُلَيْمَى نَفْسَ الهَوَسِ بِالجَمَالِ فِي خُطُوطِهَا، فَلَوْحَاتُهَا كَقَصَائِدِهَا: بَلُّورِيَّةٌ، لَكِنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى حَمْلِ العَالَمِ بِأَسْرِهِ.
نحن نسعد بوجودنا معها دائما، لَيْسَ كَصَوْتٍ نِسْوِيٍّ فَحَسْبُ، بَلْ كَـشَاهِدَةٍ عَلَى أَنَّ الجَمَالَ الحَقِيقِيَّ هُوَ الَّذِي يَصْنَعُ مِنَ الضَّعْفِ قُوَّةً، وَمِنَ الكَسْرِ نُورًا.
سُلَيْمَى السَّرَايِرِي
هِيَ الْيَوْمَ ضِيَافَةُ القَلْبِ وَالعَيْنِ، وَجَسْرٌ نَعْبُرُ مِنْهُ إِلَى عَالَمٍ لَا يَعْرِفُ إِلَّا الجَمَالَ.
الدكتور الشاعر والباحث: لطفي السنوسي






































