بقلم … ميشـال سعـادة
مُحَاوَلَـة
25
تِلكَ اللَّيلَـةَ _
كَالأَلِفِ أَوَّلِ الأَبجَديَّـةِ
وَقَفَتْ إِلى البَابِ في وَدَاعٍ
بَعدَ لِقَاءٍ بَعدَ غِيَـابْ
قَالَتْ كَلِمَاتٍ خَاطِفَـةً
كأنَّها تَستَرِدُّ العِطرَ الذي تَرَكَتْـهُ
عَلَى أَشيَائِي
وَزَّعَتِ ابتِسَامَاتٍ خَجُولَـةً
رَسَمَتْ قُبلَتَينِ على الهَوَاءِ
عَلَى ضِفَافِ شَعرِهَـا
تَفَجَّرَ نَهرٌ يَرقُصُ عَلَى أََموَاجِـهِ
رَأَيتُنِي وَالجِدَارْ نُصغِي إِليهَـا
أنا الذي سَمِعتُ حِجَارَتَـهُ
تَتَنَهَّدُ تَتَأَوَّهُ وَتَغَـارْ
في زَاوِيَةِ الـدَّارْ
كُنتُ أَصغَيتُ إلى زُهُورٍ حَمرَاءَ
أَخبَرَتنِي الكَثِيرَ
عَنْ حينَ كان عِناقُنَا مُثِيرَا
يَشتَاقُ بَعدَ غِيَـابٍ
جَسَدًا مُنِيرَا
تِلكَ اللَّيلَـةَ _
ما كُنتُ أعلَـمُ
لِمَاذَا ظَنَنتُ
أَنَّ عَتَبَةَ دَارِهَا عَاتَبَتنِي
وَلا كُنتُ أَدرِي كيفَ للذَّاكِـرَةِ
تَحفِظُ وَتَحتَفِظُ بِأَشيَائِنَا الحَمِيمَـهْ
وَشوَشَتنِي _
لَكَ أَحلامٌ سَعِيدَةٌ
لِمَ الحُزنُ يَمُوجُ في عَينَيكَ ؟
وَأرَاكَ مُسَافِرًا عَكسَ الزَّمَنِ
تَقتَرِبُ تَبتَعِدُ تَقتَرِبُ
كأنَّكَ ضَوءٌ في آخِرِ النَّفَقِ
أَو قَندِيلٌ شَابَ ضَوءُهُ
إِخَالُ صَوتًا هَتَفَ لِـي _
رَجَوتُكَ إِحلَمْ
وَاسـقِ أَحلَامَكَ مَاءَ رَغَباتِـكٍَ
وَإنِ الحُلْمُ ليسَ سِوَى شَجَرَةٍ
جُذورُها فِي الفَضَاءِ
أَغصَانُها شِبهُ غَيمَـةٍ
لَن تَصِيرَ مَطَرَا ..
تِلكَ اللَّيلَـةَ _
تَمَدَّدَتْ أحلامِي وَرَاءَ عَينَيهَـا
رَأَيتَنِي جَالِسًا أمَامَهَـا
كغُصنٍ إمتَلأَ ثِمَـارًا
لَعَلَّ يَدًا تَمتَدُّ تَقطِفُ شَهوَةَ اللَّيلِ
أَو عَينًا تَستَلقِي على كُرسِيِّ خَدِّهَـا
كنَجمَةٍ تَتَّكِىءُ على خاصِرَةِ القَمَرِ
لا أُخفِي
كُنتُ كَطِفلٍ أتَلَعثَمُ
عِندَ أبسَطِ الكلامِ
وَبَين حِينٍ وآخَرَ
أزرَعُ نَظَراتٍ هُنَـا .. هُنَـاكَ
أَختَلِسُ مِنهَا نَظرَةً إختَبَأتْ
وَرَاءَ هُدْبِهَا النَّاعِسِ
أَسمَعُها وَأُصغِي
لا أَستَعجِلُ جَوَابًـا
كَي تَطُولَ إقَامَتِي
تِلكَ اللَّيلَةَ _
إِستَرجَعتُ طُفُولَةَ حُبِّي
تَذَكَّرتُ أَنَّ للحُبِّ يَدًا خَفِيَّـةً
تَتَسَرَّبُ خِفيَةً لا تُصَافِحُ إلَّا
ما جَالَ في الخَيالِ ..
هَا أَنا ذَاكَ العَابِـرُ
أستَرجِعُ ما خَطَّتْ يَدِي
في دفاتِرِها القَدِيمَـةِ
أُوقِظُ إشاراتٍ رَمَيتُ بِهَـا
عَلَى الهَوَامِشِ
ما زِلتُ أسمَعُ وَقعَها تَتَقَدَّمُ
مِثلَ ظِلٍّ صَلَّى
كي لا يُدرِكَ الشَّمسَ المَغِيبُ
وَحِينَ الوَدَاعِ
حَرِصتُ ألَّا أمُدَّ يَدِي
كي لا أَقطَعَ وِدًّا وَحَبلَ وِصَالْ
لَكِنِّي ارتَبَكْتُ
حَتَّى خِلتُ نَظَرَاتِي اليَتِيمَـهْ
تَحفُرُ فِي المَكَان
لِلعَتَبَةِ قُلتُ _
ظَلِّي أَمِينَـةً عَلَى العَهدِ
بقلم … ميشـال سعـادة






































