أُغنِيَةُ الرَّمَاد
طَارَ مِن يَدَيّ طَيْفُ الجَمَالِ،
وانفَرَطَتِ الحِكَايَةُ قَبْلَ أَنْ تَكْتَمِلْ.
أَسْأَلُ الوُرُودَ فِي حَدَائِقِهَا،
وَأَسْأَلُ الطُّيُورَ فِي وَدْيَانِهَا،
وَأَسْأَلُ الطِّفْلَ فِي المَهْدِ،
وَأَسْأَلُ الصَّمْتَ فِي اللَّحْدِ:
أَيُّ سِرٍّ هَذَا الَّذِي يَجُوبُ الوُجُودَ
كَأَنَّهُ سَفِيرٌ لِلْحَيَاةِ؟
فِيهِ تَتَصَارَعُ السَّعَادَةُ وَالتَّعَاسَةُ،
يَتَعَانَقُ الغِنَى وَالْفَقْرُ،
وَيَتَبَارَزُ القَدَرُ مَعَ الغَضَبِ،
حَتَّى تَنْطَفِئَ الحِكَايَاتُ فِي العَرَاءِ،
وَتُكَفَّنَ الأَرْوَاحُ بِثَوْبِ الفَنَاءِ.
مَاتَ الأَمَلُ…
ذَبُلَ الزَّهْرُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَسِمْ،
وَانْتَحَرَ الحُبُّ عَلَى عَتَبَةِ الصَّمْتِ،
وَسَقَطَ تَاجُ المُلُوكِ مِنْ فَوْقِ العُرُوشِ.
يَا سَاقِي البُسْتَانِ،
بَدِّلِ النَّغَمَاتِ،
وَاكْتُبْ مِنْ وَجَعِ الأَرْضِ نَشِيدًا آخَرَ،
وَارْفَعْ لِلسَّمَاءِ قَصِيدَةً
تَحْمِلُ شَحْنَ الشَّجَنِ،
وَغَنِّ… وَغَنِّ…
فَلَعَلَّ مَا وَرَاءَ الكَوْنِ
يَسْتَمِعُ لِلَّحْنٍ،
فَتُعَانِقَ رُوحِي الأَبَدَ.
أَيَّتُهَا الرِّيحُ العَابِرَةُ فِي المَدَى،
أَخْبِرِي الغَيْمَ أَنَّ المَطَرَ يَتِيمٌ،
وَأَنَّ السَّنَابِلَ تَنْتَظِرُ يَدًا
لَا تَعْرِفُ غَيْرَ العَطَاءِ.
أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ،
كَمْ مِنْ رُوحٍ ضَاعَتْ فِي ظُلْمَتِكَ؟
كَمْ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ
ثُمَّ أَطْبَقَتْ جُفُونَهَا إِلَى الأَبَدِ؟
أَيُّهَا الصُّبْحُ،
هَلْ تَحْمِلُ مَعَكَ فَجْرًا آخَرَ،
أَمْ أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا
رَهِينُ العَدَمِ؟
يَا نُجُومَ السَّمَاءِ،
كَيْفَ تَلْمَعِينَ فَوْقَ الخَرَابِ؟
هَلْ تَعْلَمِينَ أَنَّ الأَرْضَ
قَدْ أَرْهَقَهَا الحَنِينُ
وَأَثْقَلَهَا الحِدَادُ؟
يَا سَاقِي البُسْتَانِ،
لَا تَكْتَفِ بِلَحْنٍ وَاحِدٍ،
اصْنَعْ أَلْفَ لَحْنٍ مِنْ رَمَادٍ،
وَاكْتُبْ مِنْ حُزْنِنَا أَبْجَدِيَّةً جَدِيدَةً،
فَلَعَلَّهَا تُبْعَثُ فِي الغَدِ أُغْنِيَةً،
تَنْهَضُ مِنْ بَيْنِ المَقَابِرِ
وَتُنَادِي عَلَى الحَيَاةِ.
بقلم الشاعر مؤيد نجم حنون طاهر
العراق






































