وَمْضُ الحَنِين
أمُدُّ رُوحِي
كَمَا يَمُدُّ النَّهْرُ عَطَشَهُ إِلَى البَحْر،
أَبْحَثُ عَنْ ظِلِّكَ
فِي حَفِيفِ الأَشْجَار،
فِي بَقَايَا الغَيْم،
فِي مَمَرَّاتِ الرِّيح.
تَبَعْثَرْتَ فِي المَدَى،
وَخُطَواتُكَ غَرِيبَة،
أَمَا آنَ لَهَا أَنْ تَعُود؟
صَمْتُكَ جِدَارٌ
يَتَهَاوَى فِي عَيْنِي،
فَتُشْرِقُ نَافِذَتِي بِالضَّوْءِ.
قَلْبِي تَكَسَّرَ
مِن ثِقْلِ المَسَافَات،
وَصَارَ رَمَادًا
يَشْتَعِلُ بِذِكْرَاك.
صَوْتُكَ مَطَرٌ أَوَّل،
يَرْوِي عَطَشَ أَيَّامِي،
وَيُسْكِتُ ضَجِيجَ الغِيَاب.
أَغْفُو عَلَى كَتِفِ حُضُورِكَ،
كَمَا تَنَامُ الطُّيُورُ
فِي دِفْءِ أَعْشَاشِهَا.
لَيَالٍ أَحْرَقَتْنِي،
وَالوَقْتُ يَجُرُّ قُيُودَه،
أَحْصَيْتُ السَّاعَاتِ
حَتَّى صَارَتْ صُخُورًا عَلَى صَدْرِي.
افْتَحْ أَبْوَابَ الغِيَاب،
ادْخُلْ عَلَيَّ فَجْأَة،
كَمَا يَدْخُلُ الفَجْرُ
إِلَى عُيُونٍ أَرْهَقَهَا السَّهَر.
اقْتَرِبْ…
الحَيَاةُ بِغَيْرِكَ فَرَاغٌ هَشّ،
وَفِي ضُلُوعِي بَقَايَا عُمْرٍ
لَا يُزْهِرُ إِلَّا بِكَ.
أُحَدِّثُ اللَّيْلَ عَنْكَ،
فَيَسْمَعُنِي القَمَر،
وَتَبْكِي مَعِي النُّجُوم.
أُرَتِّبُ وَجْهَكَ
مِن شَظَايَا الذِّكْرَى،
كَيْ لَا تَضِيعَ مَلَامِحُكَ.
أُمْسِكُ يَدَ الحُلْمِ
وَأَمْشِي فِي دُرُوبِ الوَهْم،
عَلَّنِي أَلْقَاكَ هُنَاك.
كُلُّ نَافِذَةٍ مَفْتُوحَة،
تُنَادِينِي إِلَيْكَ،
كُلُّ طَيْفٍ عَابِرٍ
يُشْبِهُ خُطَاك.
هَلْ تَسْمَعُ قَلْبِي
وَهُوَ يَكْتُبُكَ شِعْرًا؟
هَلْ تَشْعُرُ بِرُوحِي
وَهِيَ تُنَادِي حُضُورَكَ؟
عُدْ…
فَالغُرْبَةُ تَنْهَشُ أَيَّامِي،
وَالحَنِينُ
يَكَادُ يَقْتُلُنِي.
بقلم الشاعر مؤيد نجم حنون طاهر
العراق






































