أُحِبُّـكِ لأنِّـي أُحِبُّـكِ
دَردَشًةٌ مَسَائِيَّةٌ ثَالِثَةٌ
كَي نَنجُوَ اللُّغَةُ وَأَنَـا
مٍنَ الفَرَاغِ وَاللَّامَعنَى
1
أُحِبُّ .. أَكتُبُ
أًنهَضُ من كَبوَةٍ تَليهَـا كَبَوَات
أُحِبُّ .. أَكتُبُ
أخافُ ، بدافعِ الغِبطَةِ
أوِ الحُزن ، تَنتَـابُنِي رغبةٌ
في أن أهوَى أو أهوِي
رُبَّمَـا لا فَرقَ …
تُراودُني حينها ،
فِكرَتَـا الحُبِّ وَالمَوتِ
ثَمَّةَ لا فرقَ بين أن أُحِبَّ أو أمُوتَ
لَكِنْ _
هل من خلاصٍ يُخَفِّفُ عنِّي
هذا العنَـاء ؟
ما هذا التَّضادُّ بين الحُبِّ والحيـاة ؟
2
في كلِّ حَرفٍ ،
في كُلِّ كلمةٍ ،
أُحاكي غيـابَ مَن أُحِبُّ
خوفَ أن يَتَحَوَّلَ الغِيَـابُ إلى مِحنَـةٍ
وَأعرِفُ أنْ
لا غيـابَ إلا غيـابَ الآخَر
لا حُبَّ إلا حُبَّ هذا الآخَرِ الغَـائِبِ
الهَـاربِ والمُهَـاجِر
لا حُبَّ دون ضمير “الأنا ”
المُقِيمِ ، الحَـاضرِ
هل هُنَـاك استحالَةٌ
أن تتبادلَ الذّاتُ والآخَرُ حُبًّـا
في مَوقِعَين مُختَلِفَين ، مُتَبَاعِدَين ؟
كيف للأنَـا هُنَـا
أن يكون ذَاكَ الآخرَ هُنَـاك ؟
هل من برزَخٍ يُودي بِهِمَـا إلى لِـقَـاء ؟
3
للمرأة _ الآخَرِ مُتَّسَعٌ منَ الوَقتِ
للأَنَـا _ المُحِبِّ ضِيقٌ وَانتِظَـار
ها أنَـا ، تَحتَ وَطأةِ الإنتظار ،
أتَعَوَّدُ على الإنفِصَالِ ،
كمَـا تَعَوَّدتُـهُ عَن أُمِّي
وَيَخطِرُ النِّسيَـانُ احتِمَـالًا
يُخِفِّفُ بَعضَ مُعَـانَـاتي
هَلِ النِّسيَـانُ شَرطُ بَقَـائِي
بَعيدًا من قَسوَةٍ وَعنَـاء ؟
المَحبُوبُ غَـائِبٌ دَومًـا
أنَـا المُحِبُّ حاضِرٌ دَومًـا
أنَـا دَائٍمًـا رَاغِبٌ بِـهِ
رَغبَتِي سَوَاءٌ في غيَـابِ المَحبُوبِ
أو في حضُورِهِ
أكتُبُ الغِيَـابَ إذَنْ
أكتُبُ هذا الّذي لا يُطَاقُ
4
أكتُبُ .. أُكابدُ
أَفكاري في رَوَاحٍ وَمَجِيءٍ
أبتَكِرُ إِيقَاعَـاتٍ في لُغَتِي الّتي
تُولَدُ منَ الغِيَـاب
بَـاتَ الغِيَـابُ مُمارَسَتِي اليَومِيَّـة
أرَى الآخَرَ ولا أرَاهُ
أكتَفي بِخَيَـالٍ فيهِ أرَاهُ
وَفيهِ لا أرَاه
كيفَ لهذا الإكتفَاءِ
أن يُشكِّلَ مَزِيدًا منَ الإشتِيَـاق ؟
كيفَ أرضَى عن حُبٍّ
فيهِ يَتَملَّكُني الحِرمَـان ؟
كيف أشتَهِي وَتَتَآكلُني الحَاجَـةُ ؟
ثَمَّـةَ نِسيَـانٌ يٌفاجِئُني _
خَفِّفْ عنكَ هذي الرَّغبَـةَ المُتَوَقِّدَة
إسحَبْ رَأسَكَ من تَحت المَـاءِ
كادَ الإختِنَـاقُ يَقضِي علَيكَ
إِرغَبْ في الهَواءِ
قد تُصادِفُ في حياتِكَ
آلافَ الأجسادِ
تَشتَهِـي الكَثِيرَ
لكِنَّكِ لَن تُحِبَّ سِوَى كائِنٍ وَاحِدٍ
هذا الكائِنُ الآخَرُ المَحبُوبُ
هوَ خُصُوصٍيَّةُ رَغبَتِكَ ..
5
أسئِلَـةٌ تَفرِضُ ذاتَـهَـا هُنَـا _
لمَـاذا أرغَبُ في الآخَرِ المَحبُوب ؟
لمـاذا أرغَبُ فيه باستِمرَار ؟
لمَـاذا أرغَبُ فيه بشَوقٍ حينًـا ،
وَأحيانًـا بفُتُور ؟
حاوَلتُ وحاوَلتُ إجَابَـةً تٌرضِينِي
لكنٍّي لن أهتَدي إلى المفتاح أبدًا
تُراني أنَـا الّذي أحِبُّ
والّذي أحِبُّـهُ كَائِنٌ فِيَّ
وأنَّ بيني وبيني فَجوَةً
وأنِّي ذاكَ النَّبعُ الذي سالَ وانشَطَرَ
لن يعُودَ أبدًا إلى مَنبَعِـهِ
إنَّ الذي يبحَثُ عَمَّن يُحِبُّ
كالذي يبحَثُ عن أُمِّـهِ
… وَهَيهَـٓـاتِ أن تَعُود
6
هُنَــا
لا بُدَّ أن أرغَبَ ، من جديدٍ ،
في الكتابَـةِ
لا بُدَّ ان تتحسَّسَ لُغتي خطاهَـا
وَإن كُتِبَ عليهَـا أن تتلَعثَـمَ
كيمَـا تعبِّر
لكِنِّي أعرفُ أني لن أستَطيعَ
إلا توليدَ لفظةٍِ فارغَـة
كأن يقولَ الواحدُ للآخَرِ _
أُحِبُّكِ أو أُحِبُّكَ
فعلُ الحُبِّ ، في مسيرتِـهِ ،
بين المُحِبِّ والمحبُوبِ ،
ما يومًـا كان إلا فعلًا ناقصًـا
حتَّى وإن اتَّحدَ الجسدانِ
في سريرٍ وَاحدٍ
صيغَةُ المٌفرَدِ هيَ الطاغيَـة
وهذا المٌثنَّى عَبثًـا يصيرُ واحِدًا
والرَّغبَةُ رغبتي لا تُوَلِّدُ إلا عبارةً
في غير موضِعِهَـا
وهذي اللُّغـةُ لغتي الّتي
تحَسَّسَت خطاهـا
لم يبقَ من إخفاقِهَـا إلا الأثَرُ
7
كتَبتُ .. إستَنزَفتُ نفسي
تعِبتُ ..
تعِبَتْ لغتي من لفظـةٍ إلى لفظـةٍ
أَحبَبتُ .. كتَبتُ
إستهلَكتُ شعوري ولغتي
تَعِبنَـا معًـا
ولم يبقَ سوى الفراغ واللامعنى
كأن ، في الحب ، أقولَ لهَـا _
أُحِبُّـكِ لأَنِّي أُحِبُّـكِ …
تُراني أحببتُ .. كتبتُ
ولن أخرُجَ منَ الحُبِّ إلا
بطلًا مأساوِيَّ ؟!
ميشـال سعـادة
مساء السبت 13/9/202






































