قصة قصيرة
المواطن “س‘م‘ع”
بقلم/محمدإسماعيل
في ليلة ضبابية في شتاء بارد، مات المواطن المصري”س.م.ع” إثر هبوط حاد في الدورة الدموية كما قال الطبيب قبل أن يزعق بصوته ويقول: أين أهله؟، الرجل مات من الجوع..!
وسرعان ما جهزه أهله لدفنه قبل طلوع النهار، وفي مقابر العائلة اجتمع خمس عشرة شخصا هم عدد من شيعه لقبره، الظلام كثيف، الرياح تصدر صوتا كأشباح، خيالات هطول الندى ترعب النظرات المتلفتة، يمسك التُربي بيده أداة الحفر وباليد الأخرى كشافا يضيء أمام قدميه على بعد متر واحد، همس أحد أقارب الميت لآخر وقال:
الحمد لله ربنا نجاه، ماذا كان سيفعل؟!
يرد الآخر: نعم عندك حق، كان قبل موته بساعتين يشتكي لي ضخامة مبلغ الغرامة التي أخبره بها الموظف، تخيل خمسة آلاف لأجل جدار فتحها في حجرته على الشارع ليبيع بقالة يأكل من ورائها؟
قال له: مسكين، سبحان الله كنا منذ سنة نقنعه بالزواج ليأنس به من وحدته وإهماله، لكنه رفض كأنه شعر بقرب أجله..!
طأطأ الرجل رأسه وقال: تخيل كم كنا سنضره لو عمل بنصيحتنا، تترمل زوجته وربما أنجبت طفلا يلقبه الناس باليتيم، سيعاني هو وأمه كثيرا، يا الله!!
رفع التربي ظهره وقال: الميت يا جماعة!
وبعد أن هالوا التراب عليه وقت ارتجاف ورق الشجر من البرد كحال الواقفين، سرعان ما انصرفوا .
يسمع الميت قرع نعالهم لكنه لم يستوحش، أول مرة يشعر فيها بأنس بجوار الموتى، قال في نفسه: الحمد لله لقد وجدت الدفء!
يسمع خطوات تقترب، تقترب، يشعر بخوف، الآن أقبل الملكان ليسألاني، ياربي ماذا ستفعل بي؟
وفجأة يرى شخصا أمامه في هيئة إنسي، يتعجب ويتساءل في نفسه من هذا؟
عملي؟ أم الملائكة؟، وأين الآخر أليس الشيخ قد أخبرنا بأنهما ملكان !
وجه كظل، مختفية ملامحه خلف الظلام، يقترب من أعلى تجاه وجه الميت كعملاق، تشخص عين الميت في رهبة، يستدعي الإجابة على لسانه ليتلوها فورما يُسأل، ربي الله، ربي الله…
فجأة ينبعث ضوء كشاف في وجهه، ووجه الشخص يقترب ليسأله: أنت المواطن “س.م.ع”؟!
يرتكس لسانه، لم يسمع من قبل أن الملاك سيسأل الميت عن اسمه!!
لكنه قال بلسان ثقيل: نننن ننعم، أنا.
ليأتيه الرد مفاجئا:
أنا الموظف “عبد الفتاح الشاويش” موظف المجلس مسئول عن تحصيل الغرامات من الموتى، محتاجين خمستلاف جنيه وبسرعة عشان نسيبك تتسأل.
#محمدإسماعيل
Discussion about this post