قصة للأطفال ،،،،،،،رحيل إلى الصفحات
بقلم نزهة المثلوثي تونس
يحكى أن قرية انتشر فيها وباء قاتل أباد عددا كبيرا من سكانها فالتقى الناجون قرب عين يشغلهم الخطر المحدق بهم وما آل إليه الوضع في موطنهم
وشرعوا يتساءلون ويتبادلون أطراف الحديث بحثا عن حل ينتشلهم من الكرب
قال الثور :’مات الكثير ولم ينج أحد من المصابين بالداء ‘
وأردف الكلب. :’لي صديق رغم خوفه الشديد من العدوى وحرصه على العزلة والتوقي أهلكه الوباء ‘
فقال الكبش وكان أكبرهم سنا وأوسعهم اطلاعا : إن بلادنا أصابها وباء مستجد فتلوث ماؤها وهواؤها وأصبح العيش فيها مستحيلا فلابد من مغادرتها والرحيل إلى مكان آخر
أفضى الحوار بينهم إلى اتفاق على الرحيل فرجعوا إلى بيوتهم بخطى تستحثها الحسرة والفزع .
جمعوا ما خف حمله من متاع وزاد وغادروا مع أسرهم والقلة الناجية من جيرانهم
أمست القرية مقفرة بعد رحيل السكان فسكنت حركتها وساد فيها صمت رهيب
لم تكن سفرة الراحلين سهلة فقد قطعوا مسافة طويلة واجتازوا مسالك وعرة ..فبدت على ملامحهم علامات التعب والإعياء الشديد .
حط الجمع الرحال قرب أشجار صنوبر وقد احمر الافق معلنا غروب يوم شاق ..
استلقى الخروف وسط الخيمة التي نصبها والده وسرح بخياله يفكر في القرية وأشيائه التي تركها فيها .
ما إن أطل الصباح حتى خرج الخروف. من الخيمة وابتعد قليلا ليتكئ على جذع شجرة توت عظيمة مفترشا العشب الأخضر الطري حزينا يسترجع ذكريات وأياما كانت له مع أصدقائه الهالكين …
وبينما هو على تلك الحال حط عصفور بديع اللون أطرب المكان بزقزقاته العذبة
ثم خاطبه قائلا :
-أراك مهموما مابك ؟
-لقد حل وباء بقريتنا فانتشرت العدوى وعمت الفاجعة فرحلنا وقلوبنا ملتاعة
صمت الطائر برهة ثم قال :
-انظر هناك في قمة الجبل يسكن حكيم عالم يستطيع إنقاذ القرية فتعود إليها الحياة وتزهر الآمال .
استقام الخروف واقفا شكر الطائر وانطلق كالسهم نحو أمه وأعلمها بما دار بينه وبين العصفور من حديث وعبر لها عن رغبته في الذهاب إلى الحكيم بأعلى الجبل
لم تتردد الأم في قبول طلبه والسماح له بالذهاب وأعدت له ما يلزم سفرته من جلود وأغطية وأقنعة تقيه من هجوم الأخطار وأوصته بالحذر والتيقظ .
لم يثنه طول الرحلة عن عزمه على تحقيق مأربه فلم يبال بالتعب و وجع جسمه بعد مسير قطعته عاصفة هوجاء
كانت الريح عاتية كسرت أغصان الأشجار وطرحتها أرضا ، تشبث الخروف بشجيرة راسخة الجذور وانحنى تحتها وتطاير الحصى والأوراق ..في الفضاء .هدأت العاصفة فأخذ قسطا من الراحة ثم واصل رحلته لاشيء يثنيه عن عزمه.
وبعد ساعات من السير. قرر القفز إلى حفرة كان قد رصدها لتكون بيته تلك الليلة
حل الظلام وتناهت إلى سمعه أصوات الذئاب التي كانت تقترب منه شيئا فشيئا حتى تحلقت حول الحفرة الكبيرة كان الخروف يصغي وقد تلاحقت دقات قلبه سريعة
– الذئب 1: أشم رائحة خروف. يالها من وجبة شهية !
–
الذئب 2: لا شك أنه داخل الحفرة
فقاطعه الذئب 3 :أنت لا تعرف مدى عمق الحفرة فقد تسقط فيها ونواصل سيرنا
– الذئب 1 :لننتظر هنا إذا
قضى الخروف ليلته متوجسا خيفة من الذئاب متيقظا عينه ساهرة مصارعا خوفه طاردا هواجسه بما يعن له من أفكار واحتمالات .
يا للدهشة لقد بصر بنور ينبعثث أمامه اقترب فإذا فتحة أضاءت مأواه
فتح حقيبته السوداء ولبس جلدا سميكا أرقط ووضع قناعا على وجهه وقبعة على رأسه واقتحم الهوة المضيئة بعد أن هدم ما أحاط بها من طين وحجارة فإذا به يسير في مسلك ترابي مسقوف أفضى به إلى مسلك صخري يصعب عبوره .
كان الخروف يتسلق الصخور ..فينزلق وتتساقط الأتربة والأحجار على رأسه وجسمه …ولم تثنه الضربات والكدمات عن المضي قدما نحو القمة وبقي متشبثا بحافة الصخرة ويستجمع قواه ثم يدفع ببدنه نحو صخرة أعلى
ثم اندفع بكل ما أوتي من قوة حتى بلغ قمة الجبل مرميا يبلل جبينه عرق تصبب على وجهه وقد نال منه التعب والإعياء الشديد
ولما نهض رأى شابا واقفا أمامه
قال االشاب
-هنيئا لك على الوصول
-أأنت الحكيم ؟ظننتك أكبر سنا
روى له الخروف ما حل بالقرية ورحيلهم ومعاناتهم
فناوله كتابا وقال :
هذا الكتاب حصيلة ما جمعته من معلومات وما توصلت إليه من معارف خذه واقرأه فإنك واجد الخلاص
تهللت أسارير الخروف وقفل راجعا يغمره فرح الظافر .
ولما وصل إلى أهله أمسك بالكتاب يتصفحه وجعل يلتهم صفحاته بعينيه الواسعتين
Discussion about this post