منتصف اللّيل
العالم أسدل ستائره، كلّ شيء يزيّنه قتامة السّماء وضيّ القمر .. وقت مناسب لحديث النّفس ومناسب كذلك للوجدانيًة، مناسب لنفس حزينة ترى من السّماء فقط غيومها وظلماتها، ومناسب لنفس ما زال عندها أمل في العالم، تبحث بين الغيوم عن نجم صغير أو ضيّ القمر وإن كان مختبئاً..
جلست أحادث نفسي، صديقتي الوحيدة في هذا العالم..
هل بقينا وحدنا؟
وإذا، هل نرتعد للوحدة ؟
لا عليك صديقتي أنا هنا ولن يتركنا ربّنا.
_____
على الجانب الآخر من الكوكب
جلس شاب في مقتبل الثّلاثين من عمره خلفه البيانو ومن أمامه ظلام دامس لا يكسره إلّا ضيّ بدر تام.. جلس وبدا عليه الإنكسار والظّلام شدّد وحدته وحدة، التفت بكرسيّ البيانو وجلس يعزف مقطوعة صغيرة .. مقطوعة تسمعها تغرس في قلب الجماد حياة، يقولون أنّ الصّانع يصنع ما هو ملكه، ولكن أراه الآن يصنع ما يبحث عنه ولا يجده..
انتهى وقام مترنّحًا كالسّكران وما هو بسكير.. بل تعصف به نفسه.
صعد درجاً طويلًا انتهى به إلى سطح المنزل.. وقف ونظر إلى السّماء فرآها موحشة .. وهمس في نفسه، هي ذاتها الّتي كنت أنظر وأجد فيها أحلامي ، لمَ أصبحت بتلك القتامة؟.. أم هي مرآة روحي؟!
_____
في جزيرة صغيرة ، القصـف مستمرّ لأيّام ..شهور ، بل سنوات
جزيرة صغيرة رغم اللّيل تحوّلت سماؤُها إلى نهار.. صرخات الأطفال، الأشـلاء المتناثرة في كلّ مكان، النّاس يركضون من مكان لآخر لا يسعهم النّظر حتّى تحت أقدامهم، أمٌّ تحمل رضيعها وتجري وهي نفسها من كانت تلد بالنّهار.. شيخ عجوز لم يتناول أدويته منذ سنوات .. ورجل بقي وحيداً ، الضّرب من حوله ، يجري كي لا يضيع أجره، ويتمنّى لو ذهب لأهله .. طفل صغير ظهرت أضلعه من سوء الغذاء .. جميعهم يفرّون من القصف إلى الجوع.
_____
كلّ هؤلاء تحت السّماء ذاتها
كلّ هؤلاء من يملكون الوقت للحلم، والبكاء لا يعلمون قيمة أن تظلم السّماء وتسكن الأرض، كلّ هؤلاء لا يعلمون قيمة الجدران والسّقوف والأغطية .. كلّ هؤلاء جهلوا قيمة كسرة الخبز.
السّؤال الأهمّ .. كيف استتبّ حلم الإزدهار في أرض، بينما في أخرى الحياة جريمة لا تُغتفر؟
رضوى موسى






































