رسائلُ السماء مشفرة
النهاراتُ الباهتة،
الواقفةُ على حافة الظهيرة،
ينفخُ مزاميرَها باعةٌ متجولون،
يجرّون تعبَهم كسلاسل ثقيلة،
يدُسّون وِهادَ الحزنِ في قلوبِ
المارّة،
بلغةِ الملامح،
بشفرة المشاعر،
بوخز الضمائر،
لا أحد يلتفتُ إليهم،
يكفكفون دموعهم بمنادل الصبر…
ويمضون،
الليالي يشربها الحزن
فتموء كقطط مشردة،
يعجنُ الفقراءُ دعاءَهم بدموعٍ
تهطل ولا تصعد،
يمشطون السماء بعيونِ الانتظار،
يعدّون أرغفةً ساخنةً
لا تهبط مع الغيم،
وحين يهدّهم التعب…
ينام الرجاء في نفوسهم
فينامون بجوعٍ مُعلّق
على مشارف النعاس،
الأغنياء،
يقتلون الوقت في البحث
عن لذّةٍ هاربة منهم وصارت
أرقاماً وحساباتٍ بنكيةٍ
تشكو من التخمة المفرطة؛
فينامون بعيداً عن أسِرّة نسائهم،
تنتابهم متلازمة قعهر حاد
وكآبة غاشمة،
النساء،
يُعدِدْنَ سنوات الغيابَ بأصابعِ الوجع،
يغسلْنَ وجوههنَّ بأمل مالح
ويُخفينَ أحلاماً في جفونهنَّ
تحت الدمع المسفوح خلسة،
الطرقات،
في المساء يحرثها الحرب
وفي الصباح يحصد الفقر الرصاص
الفارغ،
المدنُ،
تنام على فراش الرعب
تصحو على سكاكين الكذب
تتثاءبُ في نشيدِها الوطني،
وتحلم بشمس جديد تنزع
برد السنوات من مفاصلها،
السماءُ،
تكتب بحبرِ الغيم رسائل مشفرة،
لكن لا أحد يجيد تهكيرها.
سعيد العكيشي / اليمن






































