كُنْ رَجُلاً لَهَا
بقلم/ أحمد جاد الله
يا مَنْ مَلَكْتَ القَلبَ، تَسْكُنُ في دنياها
إنْ زَلَّتِ الأقدامُ يومًا في خُطَاهَا
أو غيَّمَتْ دُنياكَ مِن بعضِ الجَفَا
أو غابَ عن وجهِ الحبيبةِ ضِيَاهَا
فَلا تُكَبِّرْ خَطَأً لِتُحْصِيَ الأسَى
وتكونَ جلّادًا يُعَدِّدُ ما جَنَاهَا
لا تَجعلِ الغضبَ الشّديدَ سحابةً
سوداءَ تحجُبُ عن عيونِكَ صَفَاهَا
لا تكسرِ القنديلَ إنْ خَفَّ الضّياء
فالرِّيحُ أطفأَهُ، ولستَ من عَدَاهَا
بلْ كُنْ لها سَندًا إذا مالتْ بِهَا
أعباءُ دُنياها، وكُنْ أنتَ مُنَاهَا
كُنْ أنتَ مَلجأها إذا ضاقَ المَدَى
كُنْ شمسَها، كُنْ بَحرَها، كُنْ سَمَاهَا
عاتِبْ بِرِفقٍ، فالعِتابُ مَحَبَّةٌ
إنْ كانَ هَمسًا يَسْتَرِدُّ رِضَاهَا
إنَّ الرُّجُولَةَ ليسَ قهرًا أو أذىً
بلْ أنْ تَصُونَ الرُّوحَ حينَ أَتَاهَا
هيَ زهرةٌ في محرابكَ أمانةٌ
إنْ لَمْ تَكُنْ غيثًا، فَمَنْ يقوم بسَقَياهَا؟
فبقربِكَ التَّقويمُ لا التَّجريحُ.. لا
تَجعلْ عِتابَكَ حُكْمًا أَفنَاهَا
فَكُنِ الرَّجُلَ لَهَا، تَفديهِا بالدُّنيا
يعلُو بِهَا قَدرًا، ويَحمِي حِمَاهَا
لا رَجُلًا عَلَيْهَا، يَسْتَبِدُّ بأمرِهِ
كالسَّجْنِ، يَحبِسُ في الجُدرانِ رُؤَاهَا
فارْفِقْ بِقَلبٍ أنتَ وحدَكَ أهلُهُ
واجعلْ حنانَكَ في الحياةِ دَوَاهَا.
هيَ مِرآةُ رُوحِكَ، فاعتنِ بصَقلِهَا
كيفما تَرى في صفوِهَا مَرآهَا
فإذا رأيتَ بها الّذي لا ترتضي
فاعْلَمْ أنَّكَ أنتَ مَنْ سَوَّاهَا
وإذا غَضِبتَ فَتَذكَّرْ أيَّامَكُم
واقلِبْ صَفَائِحَ وُدِّهَا وهَوَاهَا
لا تَدفِنَنْ حُسنَ الفِعلِ بِزَلَّةٍ
فالبَحرُ يَغفِرُ قَطرَةً يلقَاهَا
إيَّاكَ من قولٍ يَشُقُّ فؤادَهَا
فالجُرحُ يبقى، لو مَحَوتَ صَدَاهَا
واخترْ من الألفاظِ أعذبَها،
فَقَدْ
تُحيي بِكلمةِ لُطفِكَ مَوتَاهَا
هيَ نبعةُ الماءِ الّتي تروي الظَّمَأ
إنْ عَكَّرَتْها، كيفَ تَلقَى صفاهَا؟
والنّفسُ إنْ ظمِئتْ إلى كأسِ الهَنَا
من غيرِ كفِّكَ مَنْ يُذِيقُ حَلَاهَا؟
فاصفحْ وصالِحْ، فالحياةُ قصيرةٌ
أقْصَرُ مِنْ أنْ نَستَدِيمَ أذَاهَا
واعلمْ بأنَّكَ حينَ تُسعِدُ قلبَهَا
تُسعِدْ فؤادَكَ قبلَ أنْ تَلقَاهَا.
Ahmed gadallah






































