مرافعة في محكمة القلب
يا بُلبلَ البُستان،
غَنِّ حتّى يَفيضَ الصّدى
على جدرانِ الصّمت،
وقُلْ إنَّ القلوبَ تُسرَقُ
كما تُسرَقُ الأزهارُ من بُستانٍ مُسيَّج،
دونَ أن يتركَ اللّصُّ أثرًا
سوى نَسمةٍ من عطرِها.
هاتِ شُهودَكَ،
ماءُ السّاقيةِ الًذي يَجري مُرهقًا،
والحَجرُ الّذي يَسمعُ نَشيجَ المساءِ،
وأوراقُ أشجاني
الّتي ذَبُلتْ في انتظارِ غَيثٍ مُستحيل.
أَيُقِرُّ القُضاةُ بهذا الجُرح؟
أم يُسَجِّلونَ قضيّتي
في دفترِ العبث،
ويتركونَني أُلاحقُ طيفًا
كظلٍّ ينسابُ من بين أصابعي؟
يا بُلبل،
قُلْ لهم:
إنَّ سَرقةَ القلوبِ
ليستْ جريمةً يُدانُ بها أحد،
بل قَدَرٌ يكتبهُ الغَيبُ
بحبرٍ لا يَراهُ العُقل.
فإلى مَن أرفَعُ دعواي؟
وأيُّ محكمةٍ تُنصِفُ العُشّاق،
إذا كانَ القاضي هو الحُبّ،
والمُدَّعي هو القلب،
والحُكمُ يُتلى بِلُغةِ النّوى،
ويُعلَّقُ على أبوابِ الرِّيح؟
غَنِّ، يا بُلبل،
غنِّ…
فلعلَّ نغمتَكَ
تكونُ بابَ استئنافٍ أخير
في محكمةٍ
لا يَعرِفُها إلا مَن نزف.
بقلم مؤيد نجم حنون طاهر
العراق محافظة البصره






































