بقلم الكاتب : عبد الفتاح العربي
أب يخاطب ابنه ويوصيه …
ابني الغالي : أوصّيك ثم أوصّيك
سيأتي يوم عليّ و تهون صحّتي و يثقب جيبي و يتوه عقلي و أمشي بعكاز و تخونني الأيام و يكثر أنيني و صخبي ووجعي .
عندها يا ولدي تذكّر أنّني كنت مثلك في كامل قواي و أعمل لأوفر لك كلّ مستلزماتك و أحرم نفسي من لذّات الحياة ألبسك اللًباس الجديد و افرح أطعمك الطّعام اللّذيذ و أتلذّذ أشتري لك اللّعب و أرسم البسمة على وجهك أسهر اللّيالي عندما تمرض أحملك جريا الطّبيب و قلبي يدقّ خوفا عليك ،
الآن وقد وهن العظم منّي و نقص العقل فيّ أعطني من وقت ولو قليلا و بعض الصّبر منك و تفهّم ذلك و عندما ترتعش يداي و يسقط الطّعام على صدري تحلّى بالصّبر و لا تتأفّف و عندما أحاول أن أغيّر ثيابي و لا أقدر أعنّي على ذلك و لا تأفّف و تذكّر السّنين الّتي لا تقدر أنت على الأكل في صغرك و أنا أطعمك و تذكّر أنّك لا تعرف كيف تلبس حذاءك يمينها و يسارها و أنا أعلّمك.
عندما أحدّثك عن ذكرياتي فلا تغضب و لا تملّ منّي و كم كنت أحكي لك من الحكايات وقت النّوم لتكون سعيدا هادئا في نومك.
أنا الآن لست أنيقا لأنّني جعلتك أنيقا أحسن منّي و رائحتي ليست معطّرة لأنّك أخذت العطر منّي.
لا تقلق من محادثاتي لك في مواضيع لجيلك فكم أحببت أن تصبر عليّ و تفهمني أشياء جديدة لا أعلمها فكم كنت لا تفهم شيئا في الحياة و لقّنتك الدّروس لتكون مثقّفا و تدخل معترك الحياة بسلاح الفهم و الإدراك و الثّقافة الإجتماعيّة فلك الآن الدّور في أن تكون عيني و عقلي فيما فاتني .
عندما تخذلني صحّتي و قدماي في الذّهاب لمكان فلا تنزعج منّي و كن عطوفا بي فكم حملت على يديَّ و سندتك أثناء المشي لتتعلّم الوقوف على رجليك .
فلا تستحي أن تأخذ بيديَّ فأنت اليوم تساعدني و لعلّك عندما تكبر تكبير تجد ابنك يساعدك.
في هذا العمر يا ولدي تركت الحياة و رائي و لست مقبلا عليها بقدر ما أنا مقبل على الممات فتذكّر أنّ ني سأرحل عنك و لن تدرك معنى هذه اللّحظات الأ عند فقدانها.
فكن معي و لا تكن عليَّ .
يا ولدي عندما تتذكّر أنّني أخطأت فاعلم أنّني كنت أبحث عن مصلحتك و أفضل شيء تفعله معي الان أن تغفر لي زلّاتي و تستر عوراتي …غفر الله لك و سترك .
إن ضحكاتك وابتسامتك تفرحني كما كنت صغيرا فلا تحرمني صحبتك !!!
يا بنيّ كنت معك حين ولدت فكن معي حين أموت.
بقلم الكاتب : عبد الفتاح العربي
تونس






































