بقلم … نسرين بلوط
فلتمطرْ وهما…
أعلّلَ نفسي برحيلٍ مالحٍ يشبهُ وجهَ الدّهر..
تملّيتُ في وجومِ الهجير..وأوراقِ الغابات..
في صرّةِ فلّاحٍ غادرَ قبل انبلاج الفجر..
في منعطفاتِ السّاعينَ الى همسِ غرناطة..
يعبّّون من قاعاتِ الليلِ المصدورِ كأسَ الظّلام…
يشكون العلّةَ تنهشُ أحشاءهم..
كما حفرَتْ دمعَ الحجّاج..وخيبةَ نابليون..
فلتمطرْ غدرا…
أتعقّبُ ظلّي بحذرِ النّحلِ المتوثّب
كي لا أخدّشَ بأقدامي جلدَ الزّهور..
والحزنُ هدبٌ معلّقٌ في محجرِ الخنساء..
يشجُّ بسيفِهِ رأسَ السّماء…
وعاشقٌ يعبدُ الرّفاهيَةَ والنّساء..
وعاشقةٌ تهربُ في موانئ السّفر…
فلتمطرْ وهماً..
وخيالاتٌ تقفزُ كالغزالةِ الرّاكضة..
صوب الينبوعِ المُقْفرِ من صيّاديها..
وحطّاب يشعلُ موقدَ الخريف..
في الحقلِ عُلّقتْ خيوطُ النّور
حتّى لامستْ رؤوسَ الشّجرِ الأخضر
وحصاةٌ في الطّريقِ خلّفها صِبْيةٌ عابثون..
حولي عَلّقتِ الحوانيتُ أسماءَ مستعارة..
فلتمطرْ ألماً..
يخطو معي الحلمُ على عكّازٍ قديم..
يسملُ في الأرضِ عيونَ الليالي
في عرقِ الأيّام…في مشانقِ الرّحيل..
فلتمطرٌ وهما..
في سقفِ السّماءِ ثُبّتتْ قناديلُ
تشتعلُ بانعكاسِ الظّلالِ المرئيّة
تنغلُ في سىراديبِ الأرض…
أعلّلُ رحيلي بالقلقِ المنسيّ..
في عمقِ الرّمدِ الشّارد للصّحوِ المبكر..
يعبرُ من خلفي قطارٌ يغتنمُ الخطى
من أنفاقِ السّجونِ مهرولا كالبرق…
يعبرُ الحدودَ الفاصلة
ببن الخيالِ الباهتِ والوجودِ المنحوت..
في لمحةٍ يلوّحُ راكبٌ من مقعدِه المهجور.. يعقصُ الضّفائرَ المسكوبةَ في طبقِ الورد..
يعيدُ الحياةَ الى نوافذَ مغبرّةً من دمعِ الغيم…
يحزمُ صمتَه هاتفاً: “فلتمطرْ وهما”…
بقلم … نسرين بلوط






































