بقلم … يعقوب عبد العزيز
تلك القلوب الذّائبة في كوب العصير الأوّل
في الشّارع الأوّل
في المقعد الأوّل على الضّفّة
تلك السّيجارة المتقاعدة بشعلة
تلك الجريدة المقروءة للمرّة العاشرة
برسومها المستاءة
تعرّق الأصابع
انفراج الشّفتين
صرير ملعقة الجار بالكرسيّ المجاور
تلك الأخشاب الّتي
تهمّ بالرّجوع للغابة
في غفلة من النًجّار
ذاك المطر الًذي يسيل على زجاج النّافذة
الصّافي
النّافذة تبكي
المرأة تتأخّر بلمسة سبابة
والمطريّة الّتي تعاند في الذّهاب إلى
الشّمال
لن تأتي المرأة الّتي تحمل تحت إبطها كتابًا
والليل ينعس تحت تسريحة شعرها
لن تمرّ بالرّصيف المحاذي لمتجر
الالآت الموسيقيّة
المرأة الّتي تضحك بصوت كمنجة مجروحة
وتعزف بقدميها حديث القاعة
ستأتي في الثّانية عشر
يقول
ثم يدعس عقب السّيجارة العشرين
المرأة التي تأخرت في زحام الطّريق كانت
منشغلة بفضّ المعركة بمنديلها
المخملي وإعادة ربطه على خصرها
تخلع قفل الباب
وترتب سيمفونيتها في ضوضاء الغرفة،
مشبك الشعر مشنوق في المرايا
المرايا مصابة بالعشى اللّيلي
ولاترى أبعد من إحمرار لون
شفتيها
الأريكة مضربة عن الجلوس
تضع شروطها كما يليق
لجلالة إسفنجها
العطن
الرفوف تتطاول على بعضها في سلم غير
مرئي
يعانق السّقف
والمرأة التي تسند بكفّيها
الغيم من السقوط لم تأت
القلق الضّاري علف الوقت
والمقهى يشرّع
أبوابه بعد العاشرة لثوريًّ يرتّب هتافه
خلف الطّاولة
ولماذا تدير ظهرك للحائط سيّدي؟
المقاهي لا تفضح السّر
والسيّدة تترك حمرة شفتيها في الجزء العلويّ
لكوب العصير
ولم تأت..
المرأة في سوق الحديث تشتري
“نهرة ” لطفل بعمر ثماني سنوات
وتعجز عن
دفع فاتورة حبوب منع الحمل
ستهاجمها الأمومة يوما وتأكل وجهها التّجاعيد
حتى إن تأخرت على موعد النبيّذ
يقول
ويهدّي من هول القيامة التي تشتعل على
أصابعه
حين يمرر يده ليعدّ سلسلتها
الفقاريّة ويضيع
في علم الحسبان
يمرّن خيله على مضمار سرّتها ويعفّر
قميصها بالقُبل
يصاب بعمش العيون يخطئ في العدّ ويعود
للحاجز الأول
التأخير ليس خرافة حين
تخمد الأثافي طريقك وتتساءل
متى آن لها عيون تتلصّص
أو تجمع من كم فستانك الفراشات الخجولات
اللواتي يعطّلن حركة السير
في يوم المرور
العالمي وينتحرن ببدرة الرّحيق
وكلما مررن ذاب الإسفلت مثل شمع
الكنائس
المرأة التي تأخرت
لترسم الشامة الثالثة بقلم الكحل
تكره الوحدة حتّى في مقصلة السّواد
ومن يموت مشنوقاً بضفيرة ومُطلقٌ
عليه رصّاص المشابك؟.
_________________
بقلم … يعقوب عبد العزيز | السودان






































