انتظرني يا رصيف،
لم أُكمل تشرّدي بعد…
في ظلّك تعلّمتُ
أن أُرَبّي الأمل في شقوق الأسمنت،
وأن أتقاسم الخبز اليابس
مع ضحكةٍ ترفض الموت.
حضنك…
كان أوّل درسٍ في الجرأة،
ومسرحاً يلعب عليه الفقراء
أدوار البطولة
بلا جمهور…
سوى الحياة،
عشنا على الحافّة،
نغازل الفاتنات بالمشاكسة،
ونقنعهنّ أنّ الحبّ
يسكن الجيوب المثقوبة،
وينتظر الشّمس على طرف الرّصيف،
كنتَ مهبط الحنين،
صلاةَ الجوعى،
صوت الضّائعين،
وصندوق الأحلام.
خطيباً بلا منبر،
وذاكرة وطن
لا تسقط من جيب الوقت،
كنّا دموعه وحزنه،
وشيئاً من ابتسامته المنسية،
وحين سكبت الحرب حقارتها عليك،
وغضبها على بساطتنا،
عدنا إلى البيوت…
فأنكرتنا الجدران،
وتناثر الضّحك من أفواهنا
كأوراق خريفٍ يابسة،
غادرتنا السّخرية،
وتبخّر الجنون الجميل،
وصِرنا بعقلانيّة مفرطةٍ حدّ الذّلّ.
صار الوطن
دموعَنا الّتي لا تجفّ،
وألمَنا المقيم في كل زفرة،
وكلما اشتدّ الضيق،
وكاد أن يخنق أنفاسنا،
أخذنا الحنين إلى الرصيف،
نضع آذاننا على صدره الصلب،
ونهمس:
يا رصيف…
كم كنا في حضنك أحياء.
سعيد العكيشي / اليمن






































