أَوَّلُ النِّسَاءِ
أَنتِ
آخِرُ النِّسَاءِ ..
لَهَا ..
دائِمًا
يا امرَأَة !
إسمَعِينِي جَيِّدًا _
لا تَنسَيْ
هَذَا أَلثَّلجُ الهَابِطُ عَلَينَـا
يَعُودُ أَشَدَّ بَيَاضًا وَحَرَارَةً
وَهَذَا أَلعَالَمُ الأَزرَقُ فِي عَينَيكِ
يَرتَجِفُ مِنَ شِدَّةِ الضَّوءِ
أَنَا لا زِلتُ آثَارَ أَقدَامٍ
دُخَانَ كَلِمَاتْ
وَحُبًّا مَرمِيًّا كالظِّلِّ
فِي مُنتَصِفِ الحَيَاةْ
لا تَنسَي
لا شَيءَ يَدُومُ إلَّا إِذَا
نُسِجَ القَلبُ بالأَحلامِ
ها هِيَ السَّمَاءُ تَستَعِيدُ شَبَابَهَـا
عَلَى وَقعِ إِطلَالَاتِـكِ النَّادِرَة
وَأنا العَـاشِقُ العَتِيقُ
لا أَزَالُ أُفَكِّرُ بِكِ
يَومَ فِي الحَقلِ صَغِيرَةً
مَشَيتِ حَافِيَةَ القَدَمَينِ
عَلَى حَصَى نَهرٍ دَغدَغَـهُ المَاءُ
فَانتَشَى عَلَى وَقعِ خَطوِكِ الهَامِسِ
أُفَكِّرُ بِكِ مَأخُوذَةً بالحَيرَةِ
بِالقَلَقِ بِحُبٍّ نَاعِسٍ
أُفَكِّرُ بِـكِ
تَنَامِينَ فِي ظِلِّ حُبٍّ
وَأَسهَرُ عَلَى شَمعَةِ حُبٍّ
تَكادُ تَنطَفِىءُ حِينَ هَبَّـةِ نَسَمٍ
يا امرَأةً في عَينَيها بَرِيقٌ
يُمَاهِي بِركَةَ المَاءِ
أُفكِّرُ بكِ
تَتَنَفَّسِينَ أَتَنَفَّسُ
تُهَاجِرِينَ أَحلُـمُ
تَعُودِينَ أُهَلِّـلُ
إذَا كانَ لقَلبِكِ أَلَّا يَنبُضَ
فَمَا زَال نَبضُهُ فِي قَلبِيَ مَسمُوعًـا
كأَجرَاسِ الكنَائِسِ القَدِيمِهْ
سَلِي العُصفُورَ الّذي
فِي قَلبِكِ يُرَفرِفُ فَوقَ أَغصَانهِ
وَانظَرِي بِعَينَيَّ إِلى خَرَائِطِ حُبِّنَـا
تَرَينَهَا الى السَّمَاءِ صُعُودًا
حَيثُ الزَّمَنُ يَرعَى حَيَاةً ثَابِتَـهْ
أُنظُرِي الى حَقلِ القَمحِ حَولَنَـا
تَرَينَ خُبزًا طَيِّبًـا فِي مَعجَنِ الفُقَرَاءِ
سَأَلتُ النَّحلَ عَنكِ
قَالَ هَمَسًا –
شَفَتَاهَا شَهدُ الكَلامِ
نَبعُ العَسَلِ ..
إسمَعِي
وَاصغِي جَيِّدًا –
في دَاخِلِي هَلِّلُويَـا لـكِ
للأرضِ
للشَّمسِ .. للقَمَرِ
في عُمقِ أَعمَاقيَ حُبٌّ أَخضَرُ
يُشعِلُ مَسَاحَةَ الغِيِابِ
وَطِفلٌ يَأتِي مِنَ الظِلِّ
يَقَعُ في اللّيلِ
نُجُومُـهُ تَشهَدُ عَلَيـهِ
أَدرَكَ هَذَا الطِّفلُ مِن زَمَنٍ
أنَّ عَينَيكِ تُبصِرَانِهِ
ويَرَاكِ تَرَينَهُ في السِرِّ
في العَلَنِ
في حُضُورِ الغِيَابِ
وَغِيَابِ الحُضُورِ
ويَسألُ –
مَنْ تُرَانِي أَكُونُ في نَاظِرَيكِ ؟
إلى مَنْ تَصرُخِينَ في الوَقتِ الجَلَل ؟
يَعرِفُ هَذَا الطِّفلُ أَنَّهُ
عَلَى قِمَّةِ الجَبَلِ
بَينَهُ وبَينَ العُمقِ ثَوَانٍ
وَيَنهَارُ الحُلُـمُ ..
… وَيُحِبُّكِ
يَمُوتُ مِنَ الحُبِّ كي لا يَمُوتَ
وَيَستَحِقُّ هَذَا الحُبَّ لأَنَّـكِ
طَرِيقُهُ والحَقُّ والحَيَاةُ
يا امرَأة !
ماذَا تُرِيدِينَ ؟
أَضَيَاعًا وَتِيهًـا بَينَ أَورَاقِ الخَرِيفِ
حِينَ انكفَـأَ الجِنُّ
وَانطَفَأَ ضَوءٌ أخضَرُ ؟
وَحدَهُ –
صَوتُـكِ والمَـاءُ يَفتَحََـانِ
بَابَ قَلبٍ على المَدَى
يُشَرِّعَانِ نَوَافِذَ القَصِيدَةِ
يُطَوِّبَـانِ الشِّعرَ دِيَانـةً فُضلَى
جَوهَرُهَا الجَمَـالُ ..
ألشِّعرُ
صَدِّقِينِي –
صُوَرٌ مُوسِيقَى وَأَلحَانٌ
عَوَاطِفُ تَجَارِبُ
إيقَاعَاتٌ حَمِيمَةٌ وَأندَاءٌ
جَمِيعُهَـا يَندَاحُ دَوَائِرَ دَائِرَاتٍ
عَلَى وَجهِ المَــاءِ ..
وَحدَهُ صَوتُـكِ والمَــاءُ
وَيجرِي نَهرُ الحَيَـاةِ
في شَرَايِينِ قَصِيدَةٍ خَضرَاءَ
عَصمَاءَ
تُجَدِّدُ مَجَارِي اللُّغَـاتِ
تَقُولُ القَصِيدَةُ
للشَّاعِرِ –
لَدَيـكَ مَا تَقُولُـهُ
ما قُلتَهُ وَما سَوفَ تَقُولُهُ
لكِنَّ في خَزَّانِكَ ما ليسَ يُقَـالُ
يا امرَأة _
أنا الرِّيَـاحُ وبَحرٌ يَمُورُ
يَبحَرُ الأرضَ
فَتَأْرُضُ خَلِيقَةً بالخَيرِ
وَحدَهُ –
صَوتُـكِ والمَــاءُ
غَنَّينَا مَعًا .. رَتَّلنَا مَعًا
بَكَينَا في الصَّمتِ
عَشِقنَا نَبتَـةً بَرِّيَـةً
في الشِّتَاءِ تَرتَعِدُ
عَشِقنَـا أَنغَامًـا عَصِيَّةً عَلَى آلاتِنَا
وَاختَبَرنِا الإصغَاءَ
بِهِ نَسمَعُ نَبضَ الحَجَرِ
وَحَشرَجَاتِ الخَشَبِ
ونُصغِي كي مَلِيًّا
نَسمَعَ وَشوَشَاتِ الأشيَاءِ
ونَعرِفَ أَنَّ سَفَرَكِ طويلٌ ..
طَوِيلٌ
تَعِبَتْ مَقَاعِدُ السَّفَرِ
مَلَّتْ أَيَادِي الفَضَاءِ تُلوِّحُ لكِ
والعَينُ تَعَطَّلَتْ فِيهَا شَبَكةُ الضَّوءِ
يا امرَأة !
أَصغِي للغَابِ فِي القَريَةِ يُغَنِّي لنَـا
إطرَحِي أسئِلِةً
دَعِي الغَابَ يُجِيبُ
لا تَطلُبِي مِن شَاعِرٍ غَيرَ كَلِمَات
حَيَاةٌ فِي البُعدِ مَوتٌ
مَوتٌ في القُربِ حَيَاةٌ
أدفُنِي المَوتَ هُنَاكَ
عُودِي الى هُنَا
وانبُشِي مَاضِي الذِّكرَيَاتِ
أَوَّلُ
النِّساءِ
أَنتِ
آخَرُ النِّسَاءِ …
( يتبع )
ميشال سعادة
من ديوان
[ أغصانُ الشّهوة ]






































