غائب عن العين ومقيم بساحة الحنين..
الكرسي الجلدي ..شاهد على حياة ماضية يطوي قصة لا يعرف كيف يحكيها ..يحتفظ بآثار من مرّ من هنا .
لا زال الكرسي الجلدي قابعا في ركن من الغرفة يغطيه الغبار بالبيت المهجور منتظرا من لا عودة له، يحتضن الفراغ و يلفه الحزن كما لفّ البيت كله ، الأيام تتسرّب من بين أصابع الوقت كزبد البحر وأنا لازلت غارقة في ذكريات لا تذبل و لا تتساقط كالأوراق الصّفراء و لا يطويها النّسيان ، كلما مرت السّنون تزداد تشبثا بالذاكرة .
هذا الكرسي الجلدي ليس مجرد شيء مهجور في ركن من غرفة ..بل يعرف كلّ تفاصيل حياة والدي الّتي لا نعرفها نحن ، كان يسمعه وهو يرتشف قهوته ويقرأ جريدته ، وها هو الآن يجلس عليه الغياب ..ذاك الغياب الذي لم يكن سوى رواية يخطها الزمن ..حنيني إليه لازال يتراقص على جدار القلب فأسمع صوته في ردهات الماضي كقطرات الندى على نافذة الروح.. رحلت.. وتركت قصيدتي تناجي الأطلال.. وأنا على يقين أنك لن تعود ولن ترى دمعتي ..
أصبحت الحروف وطني وصدري مقبرة ذكريات ، أحتمي بالقصيدة وأجعلها حضنا لماض يؤرشف لزمن ولى ، أكتب رسالة بلا عنوان لمسافر في الغياب فأسكب في كفّها كل الحنين فيتسرّب من شقوق الزّمن و يرقص رقصة الأزل .
نعيمة مفيد






































