كتب … تيسير المغاصبه
“في عتمة الحافلة “
سلسلة قصصية
الزّائرة
-١-
يبدو أني في تلك الرّحلة لم أكن أنا فقط وحدي ؛مع ذاتي ،لكن يبدو أن كل مسافر فضل أن يكون مع ذاته.
وما أراحني أكثر هو قلة المسافرين.
الهدوء في الحافلة وعلى غير العادة كان يحرض على النّوم .
الأطفال بمختلف أعمارهم كانوا جميعهم نيامىٰ إضافة إلى أغلب الكُبار .
أما بالنّسبة إلي وأنا أفضل إستغلال كل لحظة في حياتي ،كان الوضع مشجع كي أوصل سماعة الهاتف منه وإلى أذني وأن أجعلها على آخر درجة من الاغرتفاع وأن أنسى كل شيء من حولي والتّحليق في عالم الجمال ؛ فقد كان لي مزاج للطّرب.
ومع إنبعاث الصّوت بقيت أنظر من النّافذة متأملاً الصّخور والكُثبان والصّحاري والتّضاريس.
لقد كان مشهداً واحداً لايتغير أبداً،
مشهد يبعث على الضّجر ،وطالما أنّي أنا الّذي أخلق بنفسي جوي وعوالمي فقد أضفت الموسيقى والطّرب إلى هذا المشهد .
لكن لابد من تتويج ذلك كله بكاسة نسكافيه فيما لو مرت بي مضيفة الحافلة لتوقظ مضجع النّيام بأسعارها المُرتفعة.
حتى لو كنت في قرارة نفسي أتمنى أن ينام الجميع نومة أهل الكهف وذلك أفضل من أي ضجيج محتمل.
لمحت شيئاً قد هبط من بعيد ، هبط وراء الجبال الصّخرية ،إستطعتُ رؤية الأضواء بالرّغم من وقت الظّهيرة ونور الشّمس السّاطعة.
بالطّبع لم يكن ذلك الشّيء طائرة مروحية ،كذلك لا يمكن لطائرة عسكرية حربية أن تهبط بتلك الطّريقة دون وجود مهبط لها .
لعله خيل إلي ؛لكن ذلك كله لم يكن بذات أهمية بالنّسبة إلي.
توقفت الحافلة قليلاً ..خرج قائدها لقضاء حاجة في الخلاء ،يبدو أنه فلاح ولذلك لم يدخل إلى دورة مياه بداخل الحافلة.
أو أن وزنه المرتفع قد لا يساعده في الدّخول إلى غرفة ضيقة ،فصبر حتى وصلنا إلى الصّحراء.
نظرت ورائي فرأيتُ عدة مقاعد بعيدة خالية من المُسافرين، فخطرت لي فكرة بأن أترك مقعدي وأن أذهب للجلوس بعيداً عن المُسافرين بقدر الإمكان.
وذلك ما حدث.
بالرّغم من ممر الحافلة الضّيق إلا أنها مشت بخفة الفراشة ،لم تجلس بالقُرب من المسافرين أو إلى جانب إمرأة كما هي العادة لتتحدث إليها خلال الرّحلة وقضاء الوقت في الثّرثرة.
بل مشت حتى وصلت إلى تلك المقاعد الخالية من المسافرين
..إلا مني أنا.
كان جمالها لا يوصف أبداً ،لكنّه كان من ذاك الجمال المختلف جداً عما إعتدناه،الجمال الّذي يميز المرأة عن مئات النّساء فيبقيها في الذّاكرة .الرّأس الآخذ بالطول بدل الإستدارة ..شعر بعدة ألوان ؛أشقر أسود ..أحمر ..أزرق.. ذهبي .
أما تصفيف الشّعر فكان جديد.ويحتوي على مادة تجعله يومض كالنّجوم .
وعندما إقتربت مني…
” وللقصة بقية”
كتب … تيسير المغاصبه






































