بقلم الشاعره … ساميه البابا
الحمارِ الّذي إستأسَد …
في غابةٍ بعيدة ، كان هناك قطيعٌ من الحِمير يعيش في خوفٍ دائم من الأسود، الّتي كانت تصطاد منها ما تشاء …
وذات يوم ، وقع حمارٌ صغير مسكين في قبضة الأسود… فإستعدّ للموت !
لكنّ الأُسود نظرت إليه طويلًا… وقالت فيما بينها : أنّه صغير الحجم ، هزيل البنية ، ثّم تراجعت عن إفتراسه …
قال كبيرهم :
“لِمَ نأكل هذا الحمار؟ إنّه لا يُشبع جوعنا … لكن يمكن أن يُشبع أطماعنا ! “
إحتارت الأُسود… فقال أحدهم :
“دعُونا نُطعمه ، ونُدَلّله … ونغرقه بالعطايا ، حتّى ينسى أصله …
ثمّ نُقنعه أنّه ليس حمارًا … بل أسدًا نائمًا قد آن أوانه !”
فعلوا ذلك …
غسلوه في النّهر ، علّقوا على رقبته قلادة ، وعلموه بعض الزّئير المشوّه …
وما لبثَ أن صدّق نفسه ، ونسي من أين أتى ؟
قال له كبير الأسود :
” الآن عُد إلى قومكَ … لكن ؛ ليس كواحد منهم ، بل كقائدٍ مُهاب عليهم ،
وإحكمهم كما نشاء ، ونحن سَندك ما أطعتنا …
ومن خالفك؟ دلّنا عليه … ونحن نكفيك أمره!”
عاد الحمار إلى قومه ، يتقدّمهم في زيّ الأسود …
تعجّب الحمير ، وإرتبكوا … فـزَئيره يشبه الأُسود ، ومشيته متعجرفة ،
وقد عاد من عند الوحوش حيًّا !
قال أحدهم:
“لا بدّ أنّه صار منهم … صار قويّا … صار أسدًا !”
ومنذ ذلك اليوم ، صار الحمار زعيم الحمير …
يأمر وينهى ، ومن يعارضه … يُساق إلى الغابة ، ولا يعود أبدًا …
كان الحِمير يَخشوْنه ، والأُسود تستخدمه ،،،
وهو بين الإثنين تائهٌ…
ليس من هؤلاء ، ولا من أولئك !
حتّى جاء يوم … غضبت الأُسود ، فإستدعته …
قال متوسّلًا :
” أنا في خدمتكم ! لقد خَضَعَت لي الحمير ، ونَفَّذتُ ما طلبتم !”
ضحك كبير الأُسود وقال :
“يا مسكين ، لقد نسيت أنّك حمار …
كنّا نَضحك عليك … ولَم نرَ فيكَ يومًا سوىٰ طُعمٌ يُقدِّمُ لنّا الصّيد مجانًا !”
ثم إلتفت إلى الآخرين :
“من يثق في حمار … خان قومه ، وسجد لنا ؟”
من خان أهله ، كيف يؤتمن ؟
توّهمَ العزَّ في ثوبٍ مُزيفِهِ
فماتَ مخلوعَ مجدٍ … خاليَ الكَفَنِ
خانَ الأصيلَ ، فخانَتهُ نهايتُهُ
وماتَ منبوذًا ، لا مجدٌ ولا كَفَنُ
فكانت نهاية الحمار على أيدي الأُسود بعد أن قدم أبناء جلدته بيديه إلى عدوه …
بقلم الشاعره … سامية البابا
فلسطين






































