“هسيسٌ في منتصفِ الحنجرة”
كزفيرِ أُنثى لم يكتمل احتراقُها
أطفو فوقَ كأسٍ
لم تُسكَبْ… ولم تُرفَعْ للنسيان.
كلُّ غيمةٍ في صدري…
تتسلّلُ إلى فمِ امرأةٍ أُخرى
وتعودُ ممتلئةً بندمٍ مُنكَّهٍ
كنفَسِ أرجيلةٍ تُركت مشتعلةً
في غرفةٍ منسيّة.
في الليل…
أفتّتُ حنجرتي بين أصابعِ الحنين
ألُفّها مع خُصلاتِ شعري
أُدخّنُها.
ليس تبغًا، بل أسئلةً مطحونة
وحكاياتٌ ملفوفةٌ في ورقٍ من اعترافاتٍ لم تُكتب.
كلُّ نفسٍ
يُذكّرني أنّي أكثرُ من جسد
أنا مرآةٌ صدئةٌ تعرفُ أنّ الجمالَ خرافة
شهوةٌ تتنكّرُ في هيئةِ صلاة.
لي في كلِّ جدارٍ رئة…
مزدحمة
مختنقة
تتنفّسُ الماضي غبارًا.
في الزّاوية…
إبريقُ شايٍ يبكي على موتِ أُمّه.
وفي الرّكنِ الآخر…
يتدلّى من السّقفِ وعدٌ قديمٌ يخصُّ أبي
لكنّه لم يهبطْ بعد.
أنا امرأةٌ ربّت أُخطبوطًا تحتَ وسادتِها
تعلّمتْ كيف تمسكُ العالمَ بثماني حجج
وتهربُ من كلِّ منطقٍ بجملةٍ واحدة:
“أنا أحلم… إذًا أنا….”
أغسلُ الصّحونَ وأغنّي
أغسل…
أغنّي…
لستُ مجنونة
فقط أفتحُ نوافذَ الماءِ على الذّاكرة.
أمسحُ الكأس
أُبصرُ وجهَ عجوزٍ يُحذّرني…
ربّما ظنّت أنّني أُخفي جريمة.
أنا جريمتي
جسدي أداةُ الجريمة
أحتفظُ بأثرِ السّكين…
لأُذكّرَ نفسي أن الوردةَ تنزفُ أيضًا.
أنا كرةُ صوفٍ شائكة
أدحرجُ نفسي بين الأثاث
أخيطُ الأملَ في ثقوبِ الكراسي
ثم أعودُ كلَّ مرّة
لأجدني قد ضِقتُ بي.
يومًا ما كنتُ سندريلا
الآن ألبسُ فردةَ حذائها الزّجاجي
وفردةَ جزمةٍ مقاتلة
ترقصُ على أنغامِ الحرب.
أُربّي طفلةً بداخلي
ترتّبُ فوضى نيتشه
في خزانةِ ألعابِها الورديّة.
على الشّرفة…
أهتفُ للقمر:
هل رأيتَني عندما كنتُ دخانًا؟
يُجيبني:
أتذكرين إصبعي المرتجف
حين لففتُكِ كسيجارةٍ في أولِ انتكاسة؟
في صدري مكتبة
تعجُّ بأسماءِ رجالٍ نسيتُهم
وزوجاتِهم اللواتي لم يُولدن بعد.
أنا سيّدةُ الوقتِ الملتبس
ساعةٌ مكسورة
تدقُّ في كلِّ لحظة.
صاحبةُ دنكيشوت…
أرسلتُه للحرب
ثم رقصتُ فوق أشلائه.
في فمي وردةٌ وسكّين
في قلبي موسيقى.
أحملُ في رحِمي مدينةً…
أكتبُ دستورَها بالحشيشِ والمواعيدِ المؤجّلة.
أنا نارُ…
تكتبُ في آخرِ الليل
قصيدةً عن امرأةٍ…
ربّما هي أنا.
وامرأةٍ أخرى…
هي أنا. lubna_hamada
لبنى حمادة






































