لم أتغيّر
ما زلتُ ذاك الغريب،
الّذي يغنّي لكِ
من شرفةٍ اقتُلِعتْ
وبقيت تطلُّ على العدم
أنا هو
الفتى الّذي خبّأ لكِ أحدَ عشرَ قمرًا
في درجٍ تحت الأرض
وكتب لكِ قصيدةً
بدمِ أصبعهِ
على ظهرِ قذيفة
ما زلتُ
أرسمُ لكِ عيدَ ميلادك
من بقايا نافذة
وأعجنُ الوقتَ
من غبارِ الطّائرات
لم أتغيّر
أنا ذاك المجنونُ
الّذي قال لكِ:
“أمريكا كذبة”
وسنصنعُ بلدًا
من بُرعمِ صبّارٍ
على سطحِ منزلنا المهجور
وأنتِ أيضًا، لم تتغيّري
ما زالت رائحتكِ
تخرج من رمادِ البيوت
ما زال وجهكِ
نظيفًا كالحلم
برغمِ الرّكام
ما زلتِ
تبتسمين
كأنّكِ تخدعين الموت
وتقولين له:
عُدْ غدًا، أنا مشغولة بالحبّ !
لم أتغيّر
أنا تلميذُ الظلّ
أُرتّب لكِ قصائد
تبدأ بـ “أحبّكِ”
وتنتهي بـ “حين تهدأ السّماء”
أنا هو،
ذاك الّذي
ما زال يسيرُ
في شوارعَ بلا أسماء
لكنّه يعرفُ
أنّ كلّ دربٍ،
إذا مشيتِه معي،
يصيرُ وطنًا
وأنتِ أيضًا، لم تتغيّري
نفسُ الرّائحةِ
نفسُ الحضورِ الغائب
نفسُ اليدِ
الَتي تلمسُ الهواء
فتُعيد تشكيله إلى حياة
كنتُ أُريد
أن أُخبّئكِ
في جيبِ السّترة الّتي نجَتْ
أن أضعكِ
في صدري
كقنبلةٍ
تنفجرُ بالحنين
كنتُ أُريد
أن أعود إليكِ
لا كعاشقٍ
بل كمدينةٍ
تحمل اسمكِ
وتُرمَّمُ بكِ
يوسف القدرة
مارسيليا






































