[ مع دعوة الاسلام إلى الإصلاح بَيْنَ النّاس ٠٠!! ]
كتب … السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
قَالَ الله تَعَالَى:
( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) ٠
” سورة النساء : ١١٤ “
حَسَمَ الصُّلحُ ما اِشتَهَتهُ الأَعادي
وَأَذاعَتهُ أَلسُنُ الحُسّادِ
وَأَرادَتهُ أَنفُسٌ حالَ تَدبيـ
ـرُكَ ما بَينَها وَبَينَ المُرادِ ٠
( أبو الطيب المتنبي )
٠٠٠٠٠
في البداية موضوع الإصلاح و لا سيما ذات البين و المسلم مأمور بعدم الكذب حيث الصّدق من مراتب الأنبياء و لكنّه محلّل في الصّلح لجمع الفرقاء و تصفية الأجواء ٠٠
و القرآن الكريم و الحديث النّبوي الشريف به وصايا نحو هذا الموضوع في مواطن كثيرة ٠
و من ثمّ فعندما أنظر إلى هذه الآية السّابقة رقم ١١٤ من سورة النّساء وجدتها تحمل عدد سور القرآن الكريم و كأنّها حوت مكارم أخلاق هذا الدّين و مقاصدها و أهمّها الإصلاح بين النّاس لأنّ الصّلح خير في شتّى الخصومات و الاختلافات ماديّة و معنويّة من أجل سلامة الفرد و المجتمع ووحدة و قوة الصّفّ و البنيان ٠
و من هذه النصوص تلك الأمثلة:
قَالَ الله تَعَالَى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:114]
وَقالَ تَعَالَى:
( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ )
[النساء:128] ٠
وَقالَ تَعَالَى:
” فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ “
[ سورة الأنفال:1] ٠
وقال تَعَالَى:
” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ” ٠
[سورة الحجرات: 10].
و قد جاء في الحديث النّبوي الشّريف هذا الأثر الّذي يؤكّد و ينبّه على ظاهرة الصّلح بلا شك ٠
الرّسول عن الإصلاح؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ألا أخبركم بأفضل من درجة الصّيام والصّلاة والصّدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة” ٠
[رواه أبو داود والترمذي]
وعن أُمِّ كُلْثُوم بنتِ عُقْبَةَ بن أَبي مُعَيْطٍ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و سلم يَقُولُ:
” لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ” ٠
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
و قد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها:
أنه سمع صوتَ خصومٍ في الباب، فخرج إليهم وأصلح بينهم عليه الصّلاة والسّلام، فهذا كلّه من باب الصّلح.
– يقول ابن بابويه -رحمه الله تعالى-:
“إن الله -تعالى- أحبّ الكذب في الإصلاح، وأبغض الصّدق في الإفساد”.
فنقول مجرّد رأي الإصلاح يقع و لو بكلمة طيّبة لا تعنّت و إنكار ، لكن فيه بعض النّاس يرفض بعطي النّاس حقوقها و فيه بعض النّاس يرفض التّنازل و الوسطيّة و مبدأ العفو و المسامحة فكلّه من الحياء المباح الّذي لا يضيع على صاحبه حقّ مشروع تمّ تقيّده و تخصيصه و القضاء به من خلال استنتاج لجوهر مشكلة ما ٠٠
و لله دره أبو الطيب المتنبي القائل في حقّ هذا الإصلاح :
حَسَمَ الصُلحُ ما اِشتَهَتهُ الأَعادي
وَأَذاعَتهُ أَلسُنُ الحُسّادِ
وَأَرادَتهُ أَنفُسٌ حالَ تَدبيـ
ـرُكَ ما بَينَها وَبَينَ المُرادِ
صارَ ما أَوضَعَ المُخِبّونَ فيهِ
مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ
وَكَلامُ الوُشاةِ لَيسَ عَلى الأَحـ
ـبابِ سُلطانُهُ عَلى الأَضدادِ
إِنَّما تُنجِحُ المَقالَةُ في المَر
ءِ إِذا صادَفَت هَوىً في الفُؤادِ ٠
و في النّهاية فما أجمل الصّلح من أهل الحلّ و العقد لإثبات الحقّ و العدل و الفضل للفصل بين الأفراد و العائلات و الطّوائف في إنصاف و عدم تضيع و تمييع الحقوق كلّ طرف يريد الانتصار لفريقه ٠٠!
بعيدا عن الميول و الأهواء و المصالح و التّكسّب و التّعصّب و الجهل في حكمة بالغة ٠
فظاهرة الصّلح من أهم أبواب الخيرات وثمّة قنوات بالتّدرّج للوصول إلى الأحكام عرفيّة أو قانونيّة ٠
فطوبي للساعي في الصّلح و التّواقف في كافّة قضايا النّزاع و عليه التّحمّل و الصّبر فالجزاء من الله تعالى دائما ٠
و على الله قصد السّبيل ٠







































Discussion about this post