أسطورة الفراشة بلاك
في قرية صغيرة محاطة بغابة كثيفة، كان الجميع يهمس عن فراشة سوداء نادرة تُدعى “بلاك”. كانت أسطورة تُروى بين الحين والآخر، فراشةٌ سحريّةٌ إذا وقفت على شيءٍ، تحوّل ببطءٍ إلى ذهبٍ خالص. الحجر يصبح ذهبًا بعد يومٍ، والشّجرة تحتاج أسبوعًا، وهكذا تحوّل كلّ شيء إلى ذهب
كانت القرية تعيش في خوفٍ وجشعٍ في آنٍ واحد. الجميع يبحث عنها، بعضهم ليجمع الثّروة، والبعض الآخر ليتجنّب مصيرًا أسود. وقيل إنّ من تلمسه بلاك، يبدأ جسده في التّحوّل إلى ذهبٍ من الدّاخل إلى الخارج، حتّى يموت
في أحد الأيام، بينما كنت جالسًا على شاطئ البحر، أتأمّل الأمواج والغيوم المتشابكة كأحجيةٍ لا حلّ لها، رأيتها للمرّة الأولى. الفراشة بلاك.
حلّقت فوقي بهدوءٍ مخيف، أجنحتها السّوداء تلمع تحت أشعّة الشّمس كقطعٍ من الليل. شعرت بقلبي يتسارع عندما هبطت على صدري، فوق قلبي مباشرةً.
ألمٌ خارق اخترق جسدي
نظرت إليها وهي ترفرف بعيدًا، متّجهةً نحو الغابة. لم أستطع تحريك يدي، كأنّ سحرًا غريبًا سيطر عليّ. ركضت إلى بيتي مرتعبًا، أخبرت الجميع بما حدث.
النّبوءة السّوداء
قالوا لي بحزن ستتحوّل إلى ذهب… وستموت.”
سألتهم بلهفة: “أليس هناك حلّ؟ أيّ شيء؟”
هزّوا رؤوسهم: “لا… لا علاج. بلاك سحرها دائم.”
وبالفعل، في اليوم التّالي، تحوّل قلبي إلى ذهب. شعرت بثقلٍ غريب في صدري، كأنّني أحمل كنزًا قاتلًا. وفي الليلة الّتي تليها، بينما كنت نائمًا، تحوّل صدري بالكامل
بدأ النّاس يزورونني، ينظرون إليَّ بفضولٍ مَرَضيّ. البعض كان يتأمّل جسدي الذّهبيّ بخشوع، والبعض الآخر كان يهمس: “كم من الوقت بقي له؟”
لم يكن أحدٌ يتكلّم عن إنقاذي، بل كانوا ينتظرون موتي ليحصلوا على جثماني الذّهبيّ.
عندما تحوّل نصف جسدي، دخل رجلٌ غريبٌ إلى غرفتي. كان يرتدي معطفًا بنّيًا مهترئًا، وعيناه تحملان أسرارًا كثيرة.
“رأيتها ذات مرّة…” همس الرّجل. “رأيت صخرةً كادت تتحوّل بالكامل إلى ذهب، ولكن بلاك وقفت عليها مرّة أخرى… فعادت كما كانت.”
نظرت إليه بعينين واسعتين: “هل… هل هذا يعني أن هناك أمل؟”
“إذا وقفت بلاك على قلبك مرّة أخرى، قد يتوقّف التّحوّل… لكن لا أحد يعرف أين هي الآن.”
قرّرت ألا أستسلم. خرجت من سريري بجسدٍ نصفه ذهبٌ ونصفه كاد أن يتحوّل ، متّجهًا نحو الغابة. النّاس تبعوني من بعيد، بعضهم يريد المساعدة، والبعض الآخر يريد أن يرى “التّحوّل النّهائي. أو المعجزة الّتي قد تنجّيني
دخلت الغابة، حيث الأشجار العالية تحجب ضوء الشّمس، والهواء مليءٌ بهمسات غير واضحة. أين هي بلاك؟
وبينما كنت أسير، رأيت شيئًا يلمع بين الأوراق… فراشة سوداء.
لكن قبل أن أتمكّن من الاقتراب، اختفت بين الأشجار. هل كانت هي؟ هل ستعود لإنقاذي؟
لا أعرف إن كنت سأجدها في الوقت المناسب. لا أعرف إن كان سحرها سينقذني أم سيدمّرني تمامًا. كلّ ما أعرفه هو أنّ **الذّهب يزحف لأعلى رقبتي الآن ..
هل ستعود؟
– وهل سأصبح آخر ضحاياها… أم النّاجي الوحيد؟
(تختفي الفراشة في الغابة، تاركةً السّؤال معلّقًا في الهواء…)
بقلم //خديجة قاضي الجزائر







































Discussion about this post