عندما نتحدث عن الجزائر، فنحن لا نستحضر مجرد دولة عادية على خارطة العالم، بل نستلهم منارة نضال، وموطن عز، وتاريخ منقوش في وجدان الشعوب الحرة.
الجزائر ليست دولة نشأت بقرار أممي، بل ولدت من رحم الكفاح، وتحررت من الاستعمار الفرنسي بعد أطول ثورة تحررية في القرن العشرين، امتدت سبع سنوات ونصف وقدّمت خلالها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد. لم تطلب الجزائر حريتها، بل انتزعتها بثمن باهظ، لتغدو قدوة في الكرامة والسيادة.
مهد الحضارات ومقبرة الغزاة
من أعماق التاريخ، كانت الجزائر موطن الجرمانتيين، النوميديين، والرومان، والبيزنطيين، والفينيقيين، والعثمانيين، حتى صارت أرضها متحفًا مفتوحًا للحضارات. في “تيمقاد”، و”جميلة”، و”قصبة الجزائر”، تتحدث الحجارة عن مجد عابر للعصور. لم تكن الجزائر يومًا بلدًا هامشيًا، بل كانت محورًا في معادلات المتوسط والعالم الإسلامي.
من عبد القادر إلى بومدين.. رجال من نار وذهب
أنجبت الجزائر الأمير عبد القادر، الذي دوّخ الإمبراطورية الفرنسية وأسس أول دولة حديثة في العالم العربي بمؤسسات مدنية وجيش نظامي. وقدّمت لاحقًا قائدًا استثنائيًا مثل هواري بومدين، الذي رفع راية الكرامة العربية والإفريقية، وكان أحد أعمدة حركة عدم الانحياز، ووقف في وجه هيمنة الغرب، رافعًا شعار: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
الجزائر اليوم: عمق إستراتيجي وقرار سيادي
رغم التحديات، تبقى الجزائر قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب. بسياستها الخارجية المستقلة، ورفضها لأي قواعد أجنبية على أراضيها، تبرهن على سيادتها الحقيقية. وجيشها المصنف ضمن الأقوى في إفريقيا والعالم العربي، يظل حامي حدودها الشاسعة ودرعًا لأمتها.
بلد الرجال.. لا يركع إلا لله
الشعب الجزائري شعب لا يُقهر. من “الشهيد” إلى “المجاهد”، من الطالب إلى العامل، كلهم يؤمنون أن الحرية لا توهب، بل تُنتزع. لم ينسَ الجزائريون يومًا جذورهم، ولم يسمحوا لأحد أن يملي عليهم قراراتهم أو يساومهم على مواقفهم.
ختامًا إلى من يجهل الجزائر: اقرأ التاريخ ثم تحدث
إن كنت لا تعرف الجزائر، اقرأ عنها لا من خلال الأبواق الحاقدة، بل من خلال كتب التاريخ، وشهادات الخصوم قبل الحلفاء. الجزائر ليست بحاجة إلى شهادة من أحد، فالمجد حليفها والتاريخ شاهد على عظمتها.
“الجزائر تُحترم… ومن لم يحترمها، فالتاريخ كفيل بتأديبه.”
بقلم سيف الدين







































Discussion about this post