هيثم صوفاناتي ..
عندما تتحوّل البراءة إلى رماد ..
بقلم : سلمى صوفاناتي
في صمتِ الليلِ الرّهيب، حيثُ تسكنُ الذّكرياتُ الأليمةُ وتُرفرف الفراشاتُ بأجنحةٍ من كربٍ، رحلَ هيثم.. رحلَ وهو يُناجي النّارَ الّتي التهمتْ جسدَه الصّغيرَ قبلَ روحهِ البريئةِ. أربعُ أعوام فقط، حملَ فيها قلباً أكبرَ من عمرهِ، وعينينِ لم تريا من الدّنيا سوى القسوةِ والوجعِ.
لم يكُن حريقاً عابراً.. بل جريمةً دُبّرتْ بدمٍ باردٍ! “فلك”.. زوجةُ الأبِ، تلك الّتي اختارتْ أن تكونَ شيطاناً يرتدي جلدَ إنسانٍ، أطفأتْ شمعةَ هيثمَ بيدٍ قاسيةٍ، ثم فرّتْ كالعقربِ تختبئُ في جحورِ الجبناءِ! وفي الجانب الآخر أم مكلومةَ .. تُودّعَ فلذةَ كبدها؟! وأب يودع قطعة من قلبه . لكنّ النّارَ لا تُخفي إلا الرّمادَ، أما الجرائمُ فتُنادي أصحابها من أعماقِ الجحيمِ!
شهاداتٌ تُدمي الضميرَ:
– جيرانٌ يحكونَ بصوتٍ مرتعشٍ: “كُنّا نسمعُ صراخَه ليلًا نهارَا.. كانَ يستنجدُ فلا يُجيبُهُ أحدٌ!”.
– عمُّ الأبِ يشهدُ بالحقِّ: “كانتْ تعذّبهُ بلا رحمةٍ.. كأنّهُ لعبةٌ في يدِ ساديّةٍ!”.
– تقريرُ الأطبّاءِ يُدوّي كالصّاعقةِ: “جسدٌ مُنهكٌ.. كدماتٌ زرقاءُ، آثارُ عضٍّ وحشيٍّ، ضرباتٌ على الرّأسِ تُنذرُ بالجريمةِ قبلَ الحريقِ!”.
أيّتها الأمُّ المُنهارةُ.. يا من تُمسكينَ صورتَهُ وتنتظرينَ معجزةً لن تأتيَ، ننحني أمامَ ألمِكِ.. ونقولُ لكِ: إنّ دموعَكِ وحدها كفيلةٌ أن تُغرِقَ ظُلمَهم! لكنّ العدالةَ ستأتي، ولو بعدَ حينٍ، فما أقسى أن تعيشَ المجرمةُ بينما طفلكِ يُدفنُ تحتَ ترابِ الصّمتِ!







































Discussion about this post