من دفاتر الغياب
كان المقعدُ
في المقهى معلّقًا
بين خشبتين
من الذّاكرة
يواجه كرسيّاً فارغاً
كما يواجه
المذنب قاضيه
بانحناءةٍ لا تليق
إلا بالنّدم ……
لم يجلس عليه أحدٌ منذاك
فاحتفظ بحرارة الغياب
كأنّ جسدكِ لم يغادره
بل تسرّب في مسامه
وصار رائحة ……
فنجان قهوة
لا لأشرب
بل لأقنع الذّاكرة
أنّ الحياة
مازالت مُرّة
من دونكِ ….
وضعتُه أمامي
كقربانٍ
على مائدة الذّكرى
ثم راقبتُ البخار يتصاعد
كأنّ روحكِ تعود لتفلت
من فم الفنجان ……
حين بكى المقعد
لم أندهش
فالأشياء الّتي احتضنتنا كثيرًا
تتعلّم الانكسار قبلنا ……
الخشب الّذي مسّ أصابعكِ
ارتجف
واحتفظ بندبةٍ
على شكل أنوثتكِ…..
النّادلُ نظر إليّ
بنصف ذاكرة
وقال:
“كانت هنا…
منذ سبعة مواسم حزن
تسأل عن رجلٍ
لا تعرف إن كان قد رحل
أم انهار داخلها.”
أضاف بصوتٍ
يشبه جرس نهاية العناق:
“كانت صامتةً كفاقدة اسمها
لكن عينيها
كانت تكتبك على الهواء.”
لم أردّ
فالرّدود خيانة إضافيّة
في حضرة الغياب …..
تركتُ المقعد
ينزف صمته
وغادرتُ
كمن يغادر ظلّه
ويحمل معه
صوت الطّاولة…
وهي تقول لي خفيةً:
“لقد أحبّت
ثم انسحبت بهدوء
كأنّها لم تمرّ بك أبدًا.”
جان كبك ___________







































Discussion about this post