قراءات تحليلية في نصّ نور ونار الّذى كتبته د. دعاء محمود
النص:
نورٌ ونارٌ
الغيرةُ وهجُ الهدايةِ الَّذي نسيرُ وراءَهُ، ومضاتٌ من أنوارٍ؛ تُخبرنا أين الطَّريقُ؟!
حالةٌ طبيعيّةٌ وجدانيّةٌ تسيطرُ على العقلِ، يشعرُ بها كلُّ فردٍ منَّا. تجدُ نفسكَ مرغمًا على التَّفكيرِ بوخزاتِ الإبرِ تجاهَ أحدِهم، ولا تعرفُ لماذا هو؟! ماذا فيه كي تتأذى لحديثِ إحداهنَّ له ؟!
إنَّهُ نورٌ يُوصلُكَ إلى طرفِ الخيطِ الضَّائعِ في الظَّلامِ.
إنَّ قلبَكَ ينبضُ، لو احتلَّ أحدُهم ركنًا بقلبِكَ، وبدأَ بالاختباءِ فيه.
نورٌ يُشعلُ العقلَ كي يفكّرَ أكثرَ، ويُبصرَ أكثرَ، ويتمعّنُ في حوادثَ مرّتْ أمامكَ، وما كنتَ تُلقي عليها بالًا.
حالةٌ من الثَّورةِ الدَّاخليةِ المستنيرةِ، والشَّكِ البنَّاءِ.
ومضاتٌ من نورٍ متقطّعٍ، تُلقي الضَّوءَ على التَّصرّفاتِ، والحركاتِ والتَّعبيراتِ، الّتي تَصدرُ من طرفٍ تنتمي إليه، لتعرفَ عنه أكثرَ، وتُقيِّم ذاتَكَ من خلالِه أكثرَ، وتُوضِّحُ طريقًا تسيرُ فيه أكانَ صوابًا أم خطأَ؟!
حالةٌ مضيئةٌ تسيطرُ عليكَ، لتتحكَّمَ بتصرّفاتِك، فَتُواجهُ نفسَك بالسِّؤالِ قبلَ الهياجِ والثَّورةِ، تفتحُ العقلَ، تزيدُ المعرفةَ، إنَّها تُعطيكَ ثقةً بنفسِك كلَّما تحكّمتَ بها، وفهمتَ ذاتَك، ومَنْ معك في شراكةِ الطَّريقِ.
تطرحُ عدّةَ أسئلةٍ لتُجيبَ عنها بشكلٍ عقلانيٍّ:
هل يستحقُّ هذا الموقفُ غيرتي؟!
هل ذاتي، وكرامتي تسمحُ لي بهذه الثَّورةِ والهياجِ أمامِ موقفٍ بسيطِ؟!
هل أثقُ بطرفٍ أنتمي إليه؟!
هل؟ وهل؟ وهل؟
مئاتُ الأسئلةِ الّتي تُنيرُ عقلَكَ، وتصحّحُ مسارَ حياتِكَ.
إنّها نارٌ حارقةٌ إذا تَخطّت حدَّها.
ثورةٌ وهياجٌ، اتّهاماتٌ باطلةٌ، عمى بصيرةٍ، لعبٌ بالأعصابِ، دخانٌ يَخنقُ الأنفاسَ، التهابٌ شديدٌ يصيبُ القلبَ والمشاعرَ؛ يحرقُ خلايا التَّفكيرِ في عقلِكَ فلا تتجاوزهُ مهما كان.
نارٌ ملتهبةٌ لا تنطفئ، لن تستطيعَ التَّحكمَ بها تأكلُ ذرّاتِ نفسكَ، تقرّبُكَ من حافّةِ الجنونِ، ولا يقدرُ عليها إلا منْ امتلكَ زمامَ عقلِه، وصَاحَبَ الحكمةَ.
لفحةُ لهبٍ تَطالُ مَنْ تُحِبُّ، حريقٌ عارمٌ يُشعلُ ذَاتَكَ، ومَنْ أمامكَ، تُخبرهُ بشكلٍ أو بآخرٍ أنَّكَ لا تثقُ به، أنَّكَ أقلُّ من توقعاتِهِ.
فقدانٌ تامٌ للسيطرةِ على مجرياتِ الأمورِ، مشكلاتٌ كبيرةٌ، ألمٌ ، انهزامٌ، احتراقٌ؟ كلُّها أمورٌ تُودي بنا إلى فقدانِ أحدِهم، رغم احتياجِكَ له.
فالغيرةُ نورٌ إنْ اهتدينا بها، عزّزْنا سُبلَ الحكمةِ في التَّعاملِ معها، أخذنا فترةَ راحةٍ لتستنيرَ عقولُنا، تَمسّكْنا بمن ننتمي إليه، ووثقنا ثقةً تامةً بأنفسِنا؛ فَما يجري أقلُّ من طرفةِ ألمٍ تُصيبُنا.
ونارٌ إنْ تركناها تتحكّمُ بعقولِنا، وبمجرياتِ أمورنِا، وبمنْ أحببنا؛ فلنقتبسْ أنوارَها ونترُك نيرانَها.
الكاتبة الصَّحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
قراءات تحليلية
١/ مقالة رائعة ومتزنة، كتبتها الكاتبة د. دعاء محمود بأسلوب أدبي عميق يدمج بين الشعور والتحليل، تضيء فيها مفهوم الغيرة كحالة إنسانية مزدوجة: نور يهدي ونار تحرق، بحسب تعاملنا معها.
جميل كيف تناولت الكاتبة الغيرة كقوة داخلية تُنذر وتُنبه وتوقظ، لكنها قد تنقلب إلى دمار إن لم يضبطها العقل، فكان المقال بمثابة مرآة تعكس الانفعالات وتدعونا للحكمة والنضج.
د. أشرف ضلع
٢/ نصٌّ تنسجُ فيه الكاتبة بخيوطٍ من الحكمة والوجدان ثنائية “الغيرة” بين نورٍ يهدي ونارٍ تفني.
بيانٌ رصين، يلامسُ عمقَ النفس، يحرّضُ العقلَ على التأمل، ويُوقظُ القلبَ كي لا يكون وقودًا للاشتعال.
بليغٌ في وصفِ الانفعال، عميقٌ في تحليلِ الذات، كأنّها ترسمُ خارطةَ نجاةٍ بين الشعور والانهيار.
أيُّ قلمٍ ذاك الذي يُضيء ويُحذِّر؟!
د. محمد جمال ريحاوي
٣/الكتابة عندك توقفت وقفة إجلال واحترام
تناولت موضوعًا يضج بالمشاعر لتطبخينه على نار هادئة ضبطت الايقاع لا توابل زيادة ولا ملح زائد ولا مُطَيِبَات بلا سبب ،كان النص عقلانيا لا افراط فيه ولا تفريط ومع ذلك أحسسنا بلمسة إنسانية روحية فٱكتملت الصورة سلم القلم المتميز والراقي دمت بألق وتميز وابداع .
أ. سليمة مالكي
٤/ كلماتك تحمل عمقًا رائعًا وتأملًا في تلك المشاعر التي تعترينا بين النور والظلام. الغيرة هنا تبدو كأنها حالة من الوهج الذي يُضيء في داخلنا شيئًا غير مرئي، ولكن في ذات الوقت، قد يكون هذا الوهج مُربكًا وصعبًا على التفسير. من جهة، هي شعلة تُضيء طريقنا، لكن من جهة أخرى، تظل تثير أسئلة في داخلنا لا نجد لها إجابات فورية.
د. محمد عبد العزيز







































Discussion about this post