ازدواجيّة المعايير النّوويّة: حين تُصبح إسرائيل استثناء والعرب تحت الحصار
في مشهد يُجسّد بوضوح ازدواجيّة المعايير العالميّة، تتغاضى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ومعها القوى الغربية، عن امتلاك إسرائيل لترسانة نوويّة ضخمة تتجاوز 200 رأس نووي، في الوقت الّذي تواجه فيه أيّ محاولة عربيّة لامتلاك برنامج نوويّ – حتّى لو سلميًّا – بأقصى درجات الرّفض، والتّشكيك، والضّغط السّياسي، بل والتّهديد العسكري أحيانًا.
هذه المفارقة ليست عبثيّة، بل هي جزء من عقيدة استراتيجيّة أمريكيّة تقوم على ركيزتين واضحتين:
أولًا: إسرائيل كذراع استراتيجي
الولايات المتّحدة لا ترى في إسرائيل مجرّد حليف، بل قاعدة متقدّمة لمصالحها الجيوسياسيّة في قلب العالم العربيّ والإسلامي. ولهذا فإنّ تفوّق إسرائيل العسكري، وخصوصًا النّووي، يُعدّ من وجهة النّظر الأمريكيّة أمرًا ضروريًّا لاستمرار الّسيطرة على توازنات الشّرق الأوسط.
السّلاح النوويّ الإسرائيليّ يُنظر إليه كـ”ضمانة أمنيّة”، بينما يُمنع العرب من امتلاك أي سلاح ردع حقيقي يحقّق التّوازن.
ثانيًا: منع الاستقلال العربيّ الحقيقيّ
النّوويّ ليس مجرّد سلاح، بل هو رمز سيادة واستقلال سياسي.
حين تمتلك دولة ما قدرة ردع نوويّ، فإنّها تنتقل من خانة التّبعيّة إلى خانة القرار الحرّ، وهذا ما لا تريده واشنطن في منطقتنا.
ولهذا، تُستخدم شعارات “منع الانتشار النّووي” و”الحفاظ على السّلام” كغطاء لمنع أيّ طرف عربيّ من التّفكير حتّى في التّوازن الاستراتيجي مع إسرائيل.
ازدواجيّة سافرة ومكشوفة
المفارقة الصّارخة هي أنّ إسرائيل لم توقّع أصلًا على معاهدة منع الانتشار النّووي (NPT)، ومع ذلك تحظى بالحماية والشّرعية الكاملة.
في المقابل، تُعاقب دول عربيّة حتّى على مجرّد محاولات تطوير طاقة نوويّة سلميّة.
الخلل استراتيجي دائم
هذا الواقع لا يؤدّي إلى السّلام، بل يكرّس اختلالًا خطيرًا في موازين القوى، ويغذّي التّوتّر والصّراعات.
بل إنه يُظهر الولايات المتّحدة كراعٍ للظلم، لا كراعٍ للسلام، ويضعف من صدقيتها الأخلاقيّة عالميًا.
الشاعر مؤيد نجم حنون طاهر
العراق







































Discussion about this post