إمرأةٌ مزيّفة !
سيّدة إغتصب الزّمان حياتها
عجوزٌ قد عبث العجز بذاتها
في أرذل العمر لم يبقَ لـها
غير شبرٍ و يشيّعون رفاتها
عاشت كما لو أنّها لم تعش !
ينتظرون متى يحين مماتها
لقد نظرت في المرآة لاعنةً
وجهها العتيق لاعنةً شيباتها
لاعنةً ذاك الوقت الذّي مرّ
بسرعةٍ ساخرًا من سباتها ..
و الآن حين إستفاقت لبرهةٍ
باتت بناتُ الدّهر مثل بناتها .
قد لبست من الأثواب ثوب
كرامةٍ يكسوها فوق ثيابها ..
و وضعت من العطور عطر
محبّةٍ لكي يشمّه أصحابها ..
و قالت فلأتزيّن لعلّ الرّوح
ترتاحُ ، ثمّ نضّت جلبابها ..
و إستحمّت بالماء و الوردٍ معًا !
حتّى غار الورد من رضابها
ثمّ تنشّفت بالحرير دقيقةً
وتحسّس الحرير حسن هضابها !
و تزّينت و تسربلت و تعمّمت
بحلّةٍ فكّرتنا بعنفوان شبابها ..
و تبَيّضت و تكحّلت بكحلها
العربيّ فهي عربيّةٌ أنسابها ..
و تأنّقت بفراشة قد وضعتها
بشعرها و للفراشة أسبابها ..
و فتحت نوافذها للشمس
ثمّ فتَحت كذلك أبوابها ..
و خرجت كي تتفسّح فلربّما
وجدت في الشّوارع أحبابها
ترنّحت و تمايلت فرحًا لأنّها
وجدت في التبرّج أسبابها ..
و الرّجال تنافسوا للفوز بحبّها
فتناثروا كالقمح على أعتابها
وهي في ثيابها أشرقت أصلاً
كالشّمس من وراء سحابها ..
فأين العجوز تلك التّى حار
النّاس في مائِها و ترابها ؟
قد صارت اليوم أجمل بنتٍ
فأنكرتها و تنكّرَ لها أترابها
بالأمس كانت لا تحرّك ساكنًا
و الآن كالزّهرة فوق خرابها .
الشاعر الفيلسوف محمد الشارني
_ تونس الخضراء







































Discussion about this post