اللوحة للصديقة الشاعرة والفنانة رنا محمود . بقلم أحمد محمود حسن

(( صرخة طفل ))

▪︎▪︎

ألا يهتزُّ عرشُ اللهِ حين يراكِ ياأمي تبيعيني ..

إلى من سوف يُطعمني ويسقيني ؟!

ألا يهتزّ عرش الله حين أجوعُ في بلدي ..

فيأكُلُ أخوتي لحمي ..

فأشلائي مُوزَّعةٌ على كلِّ السّكاكينِ ؟!

إلى كم سوف يُشبِعُ جوعَكُم لحمي ؟

إلى شهرٍ .. ؟

إلى عامٍ ..؟

إذا حاولتِ بَيعَ أخي نفاذَ الزَّادِ أَوصِيهِ ليُوصيني ..

إذا ماعُدتُ للدنيا ..

وعُدتُ إليكِ ياأمّي ..

اقتُليني ساعَةَ الميلادِ ..

ياأمّي اقتليني كي تُريحيني ،

.

إذا كنّا لهذي الأرضِ أصحاباً أَجِيبيني :

لمن في الصّيفِ حنطتُنا ؟

لمن زيتونُ أيلولٍ وتشرينِ ؟

لمن زيتٌ .. وقنديلي بلا زيتٍ ..

ومدفأتي قصيدةُ بردِ كانونِ ؟

وهل شجرٌ ولم يُحرَقْ أمام القلبِ والعينِ ؟

على ماذا ستُدفِئنا حكومتنا ؟

على فحمِ النّراجيلِ ؟!

أنا واللهِ يا أمّاهُ لم أُخلَقْ فتيلاً للقناديلِ ..

ولم أُخلَقْ لكي أُكوى كزائدةِ الثَّآليلِ ،

.

أكانَ أبي يخوضُ الحربَ كي يفدي تُرابَ الأرضِ ..

أم قد كان كي يرتاحَ من عَيشِ الأباطيلِ ؟

وحين استُشهِدَ المرحومُ ..

مَن أعطاكِ صورتَهُ مُبروزةً ؟

ومَن أعطاكِ بدلَتَهُ ؟

وهل كانت لِتُطعِمنا رغيفَ الخبزْ ؟

إدامَ الزيتْ ؟

وهل كانت شهادتهُ لِتُوصِلنا إلى هذي المواصيلِ ؟

لماذا ماتَ لم يشبَع

– وكانَ يقولُ –

من ضمّي وتقبيلي ؟

لأجلِ عيونِ مَن – أمَّاهُ – مات أبي ؟

أنا طفلٌ ومعرفتي على قدِّي ..

أنا بالكادِ أذكُرهُ ..

أما عنه ستحكيلي ؟

أجَلْ ياابْني ..

سأحكي عن معاناتي أنا معهُ ..

وُقُوفاً ربّما منّي على الأطلالْ ..

أباكَ ، وكان فلاحاً فقير الحالْ ..

وأنتم سبعَةُ أفواهٍ في بيتِ الأطافيلِ ،

كفى أمّي ..

كفى أمّي فهمتُ الدّرسْ ..

لِنغمسَ خبزنا بالدَّمْ ..

وقوداً كانَ في حربِ المساطيلِ .

.

ألا يهتزُّ عرشُ اللهِ حين يرى دموعَ أبي ..

يرانا سلعةً في السّوقْ فوق رصيفنا الأمويْ ؟

ألم يندم تُراهُ أبي وَجَرَّبَ موتَهُ العبثيْ ؟

وكم ثمني بسوقِ نِخاسةِ العربيْ ؟

ومَن قد سوف يشتريني لأنَّ أبي منَ الأخيارْ ؟

وهل قد كان مجبوراً ليأخُذَ طلقةً في الرّأس من أجلي ؟

أجيبيني :

أكان أبي يحبُّ الموتَ ياأمّي ؟

وأنتِ !

ألا تُحبيني ؟!

ألا يهتزُّ عرشُ اللهِ حين يراكِ ياأمي تبيعيني ؟

وأينَ اللهُ ..؟

أينَ اللهُ من تُجَّارِ هذا السُّوقِ ..

أصحابِ الدّكاكينِ ؟!!

22 / 7 / 2021

اللوحة للصديقة الشاعرة والفنانة رنا محمود . بقلم أحمد محمود حسن