رويده وباكيرا والفنّ الجميل … رويده حسين عبدالله بين الألوان والتّشخيص الفنّي…. لوحاتها تعبّر عن الأحداث اليوميَة والاجتماعيّة.
رؤية فنيّة كورديّة إبداعيّة شابّة .
ج / 12 عصمت شاهين الدوسكي
عندما تغادر دهوك على الطّريق الّذي يقودك إلى خارج حدود بلديّة دهوك باتّجاه زاويته وسرسنك تكون قد دخلت في عالم ساحر من الجمال والألوان والصّفاء ، إلى مناظر تسرّ النّاظرين وتريح قلوب الحائرين وتفتح نوافذ الرّوح لفضاء العاشقين ، حيث تشاهد على جانبي الطّريق الأشجار الّتي لا تفارق الاخضرار والسّفوح الهادئة والأودية الطّريّة والجبال الشّمّاء على امتداد الطّريق تحيى في عالم من الهدوء بين النّسيم العليل والنّقاء الجميل ، بين زقزقة العصافير وخرير المياه وعيون سلسبيل ، بين ألوان الورود والفراشات المحلّقة بين الزّهور وأغصان الأشجار ومختلف الثّمار ، بين براءة الطّبيعة وفطريّتها وقدسيّتها وسحر جمالها الرّباني وبين صمت الأرض وعرق الفلاح في بساتين وجنائن غناء ،
وبعد عبور” زاويته ” الجميلة المطوّقة بالأشجار والسّفوح القريبة منها تطلّ قرية ” باكيرا ” برونقها الطّبيعي الجميل وبهاء سحرها الجليل ، بين أزقّتها وشوارعها المشجّرة بالخضرة والصّمت والنّسيم محاولة منها لكشف الأنوثة الفنّيّة الّتي تختفي بين أنامل وريشة الفنّانة الكورديّة الشّابة ” رويده حسين عبد الله ” ذات الثّلاث وعشرون عاما وهي تسرد وتنقل من خلال لوحاتها ورؤيتها للأشياء التّشخيصيّة الواقعيّة وألوانها وخطوطها التّشريحيّة المميزة بتأويلات ورؤى ودلالات شكليّة لتكشف الجمال الواقعي الفنّي الّذي يربطها بعمق وجودها كامرأة وكنواة فنّيّة تشير إلى الوحدات البنائية التي تشكّلها مع كشف معانيها بصورة تشخيصيّة ليدرك المتلقي النّوافذ الشّكليّة واللونيّة والظّليلة والتَشخيصيةَ ، وهي ترسم بشكل جميل وكأنّ لوحاتها وألوانها وفرشاتها مطيعة لأناملها وروحها وأفكارها ورؤاها ونظراتها الفنّيّة ،
الفّنانة الشّابة ” رويده حسين عبد الله ” من خلال لوحاتها تفسّر الواقع الموضوعي وتمثّله بهيئته الواقعيّة الأمر الّذي يجعل أن تكون لوحاتها تسجيلا للوقائع على الأرض كالفقر والحرمان والبساطة والنّزوح والتّشريد والتّهجير وبيان ملامح الإنسان بصورة دقيقة جدًّا تكاد أن تلمسها ، وهذا الفنّ تاريخي عميق بدءا من رسوم الإنسان في الكهوف الّذي وثّق من خلالها مجريات الحياة الواقعيّة اليوميّة وأيضا مشاهداته خارج الكهوف مرورا بفنون الحضارات الكبرى في نهر النّيل كالفرعونية ووادي الرّافدين الرّافديّة والإغريقيّة والرّومانيّة إلى عصر النّهضة الفنّيّة ، والفنّ التّشخيصي صعب جدًّا وليس سهلا لكنّه ظلّ قائما بين حركات الفنّ التّشكيلي العالمي المعاصر وبأشكال جديدة خلقت اتّجاهات جديدة ، الفنّانة الكورديّة الشّابة ” رويده حسين عبد الله ” إن صبغت بالتّشريحيّة والتشخيصية من خلال تمكّنها فنّيّا وإبداعيّا في هذا المجال الصّعب والمتعب فنّيّا وفكريّا وجسديّا ، وبرؤى بيئتها الّتي نمت في كنفها وبالتّالي تلوّنت وأزهرت وأينعت في نضوجها وصيغها الطّبيعيّة وموضوعاتها وفق فنون منبعها الحضاري الّذي ما زال قائما ، فمهمّتها تشخيص المعنى وتشريح الشّكل بالظّل والضّوء والإنارة لتعبّر في لوحاتها عن الأحداث اليوميّة والاجتماعيّة والسّياسيّة بمصاهرة الأساطير اليونانيّة والرّومانيّة الفنّيّة الكلاسيكيّة في تصوير الشّخصيّة الإنسانيّة الّتي تعتمد على مقاييس ونسب فنّيّة أطلق عليها سابقا ” النّسب الذّهبيّة ” في علاقة حجم الرّأس إلى الجسم في التّصوير والرّسم المكرّس لموضوعات دينيّة تتعلّق بالسّيّد المسيح والعذراء والقدّيسين ومن خلال هذه الدّقّة الواقعيّة والنّسبيّة تجلى بشكل خاص الفنّ التّشخيصي والتّشريحي مع ظهور التّيّارات الفنّيّة التّشكيليّة الحديثة ،
الفنانة الكوردية ” رويده حسين عبد الله ” تراءى في لوحاتها الفنيّة والتّشخيصيّة والتّشريحيًة على ميل القواعد الكلاسيكيّة الإغريقيّة الرّومانيّة الّتي هي الأخرى شديدة الميل إلى الواقع كما في رسوم مايكل انجلو وليوناردو دافنشي ورافائيل ورغم تعدّد الفنّ التّشكيلي الحديث والمنافسة الفنّيّة الشّديدة للتشخيصيًة والتّشريحيّة من قبل الاتّجاهات الفنّيّة الجديدة كالانطباعيّة والتّعبيريّة والتّكعيبيّة والتّجريدية والسّريالية والتّأثيريّة على أنّ هذا الفنّ ما زال في مخيلة الفنّانين بأشكال وصيغ مختلفة ، الفنّانة التّشكيليّة رويدا مالت بفنّها نحو البساطة واختزال الأشكال الواقعيّة أمام رؤية العين والإحساس وبادراك فنّي جميل بذلته ونقلته بدقّة متناهية وبراعة في العمل الفنّي ، تستوعب كلّ التّفاصيل التّشخيصيّة والتّشريحيّة فانطلقت وأبحرت في أسلوبها وإبداعها بأنامل ناعمة وريشة راقية ورؤية جميلة نقيّة تزهو وتسمو رغم الواقع المؤلم ، تتأرجح بين التّشخيصيّة والتّشريحيّة ودقّة الظّلّ والضّوء والإنارة وبين جمال الطّبيعة وأشكالها السٌاحرة بمضامين اجتماعيّة
معتمدة على روحها وأفكارها وإحساسها المرهف ورقّة مشاعرها ووعيها الفنّي لتوصل رسالة فنًية للعالم من خلال الألوان والأشكال الّتي تكشف المعاني الحقيقيّة للمرأة الكوردية بصورة خاصة والمرأة في كلّ مكان وزمان بصورة عامّة وللحياة وللوجود وهي تلامس الواقعيّة بشكل إبداعيّ فنّي جميل .
**********************
رويده حسين عبد الله
دهوك – باكيرا , 1994م
عام 2011م دخلت معهد الفنون الجميلة
عام 2016م تخرجت من معهد الفنون الجميلة
أعمالها الفنية واقعية
الألوان والظل والإنارة جوانب مهمة في لوحاتها
تعد لمشاركات فنية مشتركة مختلفة







































Discussion about this post