بقلم … يوسف بن غانم
سيأتي حين تشحب الأرض ويغيب العدل بين النّاس،
حين تصير القلوب حجارة، والسّماء غريبة عن أبنائها في ساعةٍ مكتوبة بدموع الصّالحين، سيقوم من بين الغبار رجلٌ خفيٌّ عن العيون، ظاهرٌ للقلوب الطّاهرة.
ليس ملكًا، ولا ساحرًا، ولا فارسًا؛ بل وعدًا حملته الرّياح منذ أوَل صرخةٍ للحقَ في هذا العالم.
يخرج في زمن يظنّ فيه الجميع أن لا خلاص،
يمشي بلا صخب، يحمل نورًا لا يُرى إلّا للمنكسرين،
وسيفًا لا يقطر دمًا، بل يقطع الظّلم من جذوره.
تطأ قدماه الأرض كما يطأ النَدى زهرة عطشى،
وتنتفض الجبال له طاعةً، ويخفق الزمان بين يديه كسفينة هائمة تجد مرساها.
هو الّذي تتفتَق له الأسرار القديمة، وتنكشف أمامه العيون المغلقة بالحقد.
لا يسعى إلى الملك، ولا يلهث خلف التّاج،
بل يمضي، برسالة أقدم من الزّمان، رسالةٍ تُعيد الميزان إلى الأرض، وتنفض الغبار عن عهدٍ نُسي تحت ركام الطّغيان.
يوم يقف بين النّاس… يعرفه من في قلبه نور،
وينكره من في قلبه ظلمة.
لا يحمل اسمًا يتغنى به المغرورون،
بل يحمل وعدًا يتردد صداه في كل قطرة مطر وكل رفّة جناح ملاكٍ مخبوء و حين يظلم، لا يصرخ الكون خوفًا… بل يبكي صامتًا، كما يبكي طفلٌ ضائع في ليلٍ لا فجر له.
حضوره يُرعب المخلوقات… لا لأن فيه شرًّا، بل لأنّ عظمته فوق فهمهم، فوق احتمالهم الهشّ.
خطواته تُحطّم الزَمن، أنفاسه تُطفئ الشّموس، وعيناه تعكسان خريف الأكوان.
لكنّه لا يسعى للهدم، ولا يطلب الخضوع… بل يمشي بينهم، حاملاً فوق كتفيه حزن العصور الّتي مضت، والعهود الّتي نكثها البشر دون أن يشعروا.
في قلبه، نارٌ قديمة… ليست نار غضب، بل نار حبّ نُسي منذ فجر الخليقة.
هو ظلّ لا يطغى، وريح لا تجرح، وصمتٌ يحاول أن يحمي ما تبقّى من جمالٍ مكسور.
حين يظلم، لا تفرّ الأرواح خوفًا… بل تنحني، تبكي، تتوسّل أن يغفر لها خطيئة الوجود.
هو الظّلام الرَحيم… الكارثة الّتي كان يمكن أن تُفني الكلّ، لكنّها اختارت أن تحنو، بصمت، في عالم لا يفهم الطّيبة إلّا إذا غلّفها بالرّعب.”
بقلم … يوسف بن غانم







































Discussion about this post