حين يهدأ الغضب، تُفتح عين ثالثة اسمها الإدراك
في لحظات الغضب، تضيق الزّاوية الّتي نرى منها العالم.
تخفت الألوان، وتعلو الأصوات، ونصبح سجناء لردود الفعل…
كأنّنا نُمسك الحياة بقبضة مشتعلة، لا نملك فيها سوى اللّهيب.
لكن… هناك لحظة فاصلة.
لحظة صمت تأتي بعد أن يهدأ كلّ شيء.
يهبط فيها الغضب كالعاصفة الّتي أرهقت نفسها،
وتخيّم السّكينة مثل غيمٍ ثقيل، بعد مطرٍ جارف.
وهناك، بالضّبط، تُفتح العين الثّالثة…
ليست تلك العين الّتي نرى بها المظاهر،
ولا الّتي نقرأ بها المواقف السّطحيّة،
بل تلك الّتي ترى خلف الكلمات، وخلف النّوايا، وخلف انعكاسنا على الآخرين.
حين يهدأ الغضب، ندرك أنّنا كنّا نحارب ظلّنا لا الآخر.
وأنّ كثيرًا من الألم لم يكن إلّا انعكاسًا لوجع قديم لم نداوه.
نرى أنّ الكلمة الّتي جُرِحنا بها، لم تكن سوى شرارة أشعلت رمادًا متراكمًا في داخلنا.
العين الثّالثة لا ترى الحقائق كما هي،
بل ترى حقيقتنا نحن…
تعلّمنا أن نعود للداخل لا لنُعاقب أنفسنا، بل لنفهمها.
أن نُصافح جراحنا لا لنُبررها، بل لنحتويها.
في تلك اللّحظة، لا نعود نبحث عن “من المخطئ؟”
بل نسأل “ماذا كان ينقصني لأفهم؟ لأصبر؟ لأكون أوسع من ردّ الفعل؟”
حين يهدأ الغضب، لا نخسر قوّتنا…
بل نستردّ قوتّنا الحقيقيّة — الهادئة، الواعية، العميقة.
فنُصبح أكثر صدقًا، أكثر اتزانًا، وأكثر اقترابًا من أنفسنا.
الإدراك ليس معرفة… بل وعي.
هو أن ترى الموقف كما هو، دون أن تنجرف في دوّامة “كيف كان يجب أن ننسى يكون.”
هو أن تفهم أنّ الهدوء ليس ضعفًا، بل مساحة يُمكن فيها للوضوح أن يتكلم.
الكاتب/ محمد عبدالعزيز سيد أحمد
D-Mohamed Aziz







































Discussion about this post