“تأمّلات وحسرات”
الحديث عن حال الأمة حديث ذو شجون..
الأوضاع المزرية والجور الواقع على الأقلّيات المسلمة المستضعفة في مشارق الأرض ومغاربها، التّدهور السّياسي، الاقتصادي والاجتماعي في شتّى أنحاء الوطن العربي الّذي دقّ ناقوس الخطر.
حديث السّاعة، بل همّنا وحديثنا كلّ ساعة إلى غاية النّصر المؤزر بإذن الله “مأساة إخواننا في أرض الرّباط والعزة”، الّتي ستبقى شاهدة على العصر، ووصمة عار في تاريخ العروبة والإنسانيّة جمعاء، وطعنة خنجر في خاصرة الأمّة، أينما وجّهت وجهها أحسّت بوخزها الشّديد، ولَعْنتِها الّتي ستلاحقها مثل كابوس، لتقتصّ منها جرّاء خذلانها وتخاذلها، علّها تتخلّص من خزيها الّذي تلطّخت به حين أصرّت لعقود على موقفها الجبان الّذي لن يطويه نسيان ولن يمحوه غفران مهما طال الزّمان!.
رغم كلّ ما ألَمَّ بإخواننا ب ف.لس.طي.ن لحدّ هذه اللحظة، لازلنا مكتفين بدور المتفرج الأصمّ الأبكم، وكأنّنا نشاهد سينما صامتة، رغم صوت الوجع المدوّي في الآفاق الّذي يخترق أسماع الضّمائر الحيّة ويضرب في صميم الإنسانيّة ويقدح في كينونتها ووجودها، ويهجو هذا العالم الرّديء المعتم منذ زمن بعيد، والّذي أصبح الآن يتقلّب في أرذل وأسوء الحقب الّتي مرّت على البشريّة.
أكاد أجزم أنّ الجماد والنّبات والدّواب قد بكت إخواننا وأشفقت عليهم، بينما نحن على حالنا لم يتغيّر للأفصل فينا شيء!
نراوح مكاننا لا نبرحه “أسفل خط الفقر الإيماني والحضاري” لم نرتقِ قيد أنملة!
رضينا بدور الضّحية وألفناه، واتّخذنا من نظريّة المؤامرة شمعة نعلّق عليها جُلّ خيباتنا، تخاذلنا وفشلنا على جميع الأصعدة.
اتّفقنا ألّا نتفق! فتضعضع جسد الأمّة من الدّاخل، حين نهشته أنياب الفرقة الطّائفيّة الدّينيّة والمذهبيّة، أحرقته نيران العنصريّة والقبلية، ومزّقه التّناحر السّياسي وقطعت الحدود الجغرافيّة الوهميّة أواصر الأخوّة والعروبة وأذابت لُحمتها .
مؤسف للغاية ما آلت إليه أمّتنا اليوم، بعدما ازدهرت بالأمس في عصرها الذّهبي الممتد لقرون عديدة، بينما كانت أوربا تتخبّط في ظلمات العصور الوسطى، لتستند بعدها على الحضارة العربيّة الإسلاميّة وتبدأ نهضتها وتنقلب الأدوار، فابتلعت أمتنا تلك الهوة المظلمة السّحيقة، وغرقت في غياهب التّخلف والانحطاط، حين أخذت تنسلخ شيئا فشيئا عن هويتها الدّينيّة والتّاريخيّة، فاستولت عليها عقدة النّقص واستصغرت من شأنها، وفتنت ببريق الغرب ومدنيّته الزّائفة المنحرفة، وانجرفت وراءها كالأعمى ضاربة بمقدّساتها عرض الحائط، فاستشرى سرطان الوهن فيها وتخلفت عن ركب الحضارة والتطور العلمي والتكنولوجي، لتقع أسيرة التبعية الاقتصادية للدول الغربية، فصنفت ضمن دول العالم الثالث! وشعوبا تابعة ومستهلكة بامتياز!
مفارقة مؤسفة للغاية فقد كانت الحضارة العربية الإسلامية رائدة ونبراسا يهتدي به الغرب ليفلت وينجو من ظلماته حين كان يئنّ تحت وطأة الفقر والجهل مئات السنين.
أُمّتي! مؤسف جدا ويؤلمني ما وصلتِ إليه حين أقارن أمْسكِ بحاضرك المشين المهين!
ما بالكِ صار ينهش بعضك بعضًا، وأضحيت تئنّين ألمًا من ظلم بعضك لبعضك!
لكن بالرغم من كل شيء، متفائلة ومتيقنة أنه مهما اشتدت الغمة على هذه الأمة ومهما طال ليلها البهيم، بإذن الواحد القهار سينبلج فجرها وستفرح بنصرها واستعادة مجدها.
الكاتبة زينة لعجيمي / الجزائر
Discussion about this post