أمسية الشاعرة نجوى النوي احتفاءٌ بشعرية الأرض والكلمة
في اتحاد الكتّاب التونسيين
في أمسيةٍ ثقافيةٍ عابقةٍ بعبير الشعر، استضاف نادي الشعر في اتحاد الكتّاب التونسيين مساء الجمعة 14 فيفري 2025 الشاعرة التونسية المتميزة نجوى النوي، احتفاءً بإصدارها الشعري الجديد “حمّى الأرض”. هذه الأمسية، التي قدمها الشاعر والناقد بوراوي بعرون بقراءة نقدية مُعمَّقة، مثلت علامة فارقة في المشهد الثقافي التونسي، مُحتفيةً بشعرية الأرض والكلمة، ومُبرزةً الدور الحيوي للنقد الأدبي في إثراء الحوار الإبداعي.
كان هذا الحدث فرصةً لتقديم نقديةً مُعمّقة، تهدف إلى تحليل المجموعة الشعرية، وإظهار جمالياتها و أبعادها الفكرية، والإبداعية، فضلاً عن تسليط الضوء على دور النقد في إثراء المشهد الأدبي.
بدأ الأستاذ بوراوي بعرون اللقاء بتحليل دقيق للبنية الفنية لـ “حمّى الأرض”، كاشفًا عن تحول مفهوم “حمّى الأرض” إلى استعارة وجودية تعبّر عن قلق الإنسان المعاصر. أشار إلى قدرة الشاعرة على استخدام اللغة ببراعة، حيث تتلاقى الألم والأمل في نسيج شعري فريد يجمع بين الأصالة والمعاصرة. كما أشاد الناقد ببراعة الشاعرة في المزج بين الإيقاع التراثي والانزياحات الحداثية، مُبيّناً كيف نجحت في خلق نسيج شعري فريد يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ولقد تحولت الأمسية إلى حوار تفاعلي، حيث قرأت النوي مقاطع من “حمّى الأرض” وتلا ذلك قراءة الحضور لنصوصهم المستوحاة من إصدارها. هذا التفاعل عكس فكرة التلاقي الإبداعي، مؤكدةً أن الشعر جسر بين الأرواح.
وفي قلب الأمسية، تجلت “حمّى الأرض” كقصائد حية تنبض بالحياة، حيث سعت الشاعرة إلى تصوير الصراع الإنساني مع التغيرات التي تهدد الوجود. كان بوراوي بعرون، في قراءته النقدية، لا يكتفي بتحليل البنية الفنية فحسب، بل يغوص في أعماق المعاني، ويُظهر كيف أن “حمّى الأرض” ليست مجرد مجموعة شعرية، بل هي دعوة للتأمل في مصير البشرية، حيث تتقاطع فيها قضايا البيئة والتغيرات المجتمعية مع الهموم الروحية ولقد استطاعت النوي أن تجعل من اللغة أداةً للتعبير عن هذا الصراع، فأتت المفردات تحمل في طياتها الأمل والألم، وتجسد رمزيةً عميقة تدفع القارئ إلى استكشاف طبقات النص المتعددة. كما أبرزت الأمسية العلاقة التبادلية بين الشاعرة والمتلقي، حيث تحولت القصائد إلى حوارات حية، تبادل فيها الحضور آراءهم وأحاسيسهم مع الشاعرة، مما أضفى على الأمسية طابعاً تفاعلياً مميزاً. أظهرت هذه اللحظات كيف أن الشعر ليس مجرد تعبير فردي، بل هو لقاء وتلاقٍ بين أرواح تتشارك الهموم والأحلام.
أخيراً و بكل تأكيد يجوز لنا القول ان هذه الأمسية كانت تجسيداً حياً لدور الشعر كجسر يربط بين الإبداع والنقد، بين الفرد والمجتمع إذ أبرزت الأمسية كيف يمكن للشعر أن يكون منصة للتعبير عن القلق الإنساني، والتأمل في التحولات البيئية والاجتماعية كما أكدت على أهمية النقد كأداة لفهم النصوص وتفسيرها، وفتح آفاق جديدة للقراءة والإبداع
. الأمسية أثبتت أن الشعر لا يزال ينبض بالحياة في المشهد الثقافي، وأن الكلمة قادرة على توحيد القلوب والأفكار وبرهنت على أن المشهد الثقافي التونسي مزدهرٌ بأصواتٍ تجدد دماءه، وتصنع من كل قصيدةٍ فضاءً للقاء الإنساني، وتحيي فينا الأمل في مستقبل مشرق للإبداع. الإنساني، وتحيي فينا الأمل في مستقبل مشرق للإبداع.
أعداد وإشراف: د. آمال بوحرب
باحثة وإعلامية.
Discussion about this post