رَقـصُ الوَتَـرٍ
بقلم/ ميشال سعادة
عَلَـى تَخـتِ القَصِيدَة ..
جَاءَ العَالَمَ صَفحَـةً بَيضَـاءَ
هَكَـذَا ظَـنَّ
مَارَسَتِ الأُمُّ طُقُوسَ الحُـبِّ
طُقُوسَ الكَلامِ
إِستَجَابَ لَهَـا بِجَسَدٍ يَتَكَلَّـمُ بِحَرَكاتٍ
بِعَلامَاتٍ وَإِشَارَاتٍ تَفقَهُهَـا
هِيَ وَحدَهَـا _
تَسكُبُ كُؤُوسَ الحَنَـانِ
بَاكِيًـا _
يَشكُو جُوعًـا أَو أَلَمًـا
تُلَبِّـي النِّـدَاءْ ..
جَاءَ _
مِن مَنفًـى إِلى مَنفًـى آخَـرَ
يَبحَثُ بِعَينَيـهِ عَمَّـا يُخَبِّئُـهُ
سَقفُ البَيـتِ
جُدرَانُهُ وَالزَّوَايَــا ..
رُبَّمَـا _
أَحَسَّ بِحَنِينٍ إِِلى مَنفَـاهُ الأَوَّل
بِيَدَينِ تُلَوِّحَـانِ لا تَهدَآنْ
بِبَسمَـةٍ تَستَعطِفُ الأُمَّ
يَرجُوهَـا المَزِيدَ مِنَ التَّحنَـانْ
كَمَا _
لَو بوِدِّهِ أَن تُعِيدَهُ إِلى بُحَيـرَةِ مَـاءٍ
يَعُومُ عَلَيهَـا صَامِتًـا
رَاضِيًـا مَرضِيًّـا
بَعِيدًا مِن ضَجِيجِ عَالَـمٍ
مُنكَسِرٍ مُمَزَّقٍ
كَانَ لِعَينَيـهِ أَن تَتَكَلَّمَــا
لِلضَّوءِ أَن يَمُدَّهُ بِهَديٍ إِلى مَنَـارَهْ
هُوَ الّذي لَم يَقرَأْ كِتَابًـا إِلَّا كِتَابًـا
حُرُوفُـهُ مَائِيَّـهْ
هُوَ الّذي لَم يَسمَـعْ أَصوَاتًـا
أَو أَيَّ نِـدَاءْ
وَلا أَصغَى إِلَّا لِعَالَـمِ الأَحشَـاءْ
وَلا سَعَـى إِلى خُرُوجٍ
مِن جَوفِ الأُنُوثَـةِ الرَّحمَـاءْ
ولا ظَنَّ أَنَّ الجُرحَ بِدَايَـةُ المَنفَـى
ولا كانَ يَعلَـمُ _
أَنَّ المَـاءَ فَتـحُ طَرِيـقِ العُبُـور
أَنَّ أَوجَاعَهَـا سَوفَ تُبَشِّرُهُ بِفَجـرٍ جَدِيدْ
ما أَطيَبَ الوَجـعَ
وَجَـعَ أُمٍّ بِهَـا نَؤُمُّ الوُجُـود ..
جَاءَ …
مَا خَطَـرَ لَـهُ وَلا كانَ بالحِسبَانِ
أَنَّ البِدَايَـةَ حَدٌّ فَاصِلٌ
بَينَ مَنفًـى وَمَنفًـى
وَلا كانَ يَدرِي أَنَّ النِّهَايَـةَ
هَجـرٌ تَشَرُّدٌ
ضَيَـاعٌ وَتِيـهْ
أَنَّ الضَّوءَ الّذي كَحَّـلَ عَينَيـهِ
لأَوَّلِ مَـرَّهْ
لا يُسَاوِي بِرَأيِـهِ
نُورَ عَتمَـةِ الأَمسِ ..
جَاءَ …
لَم يَقتَـرِفِ اثمًـا
لا هَفوَةً وَلا حَتَّى ذَنبًــا
وَلا رَنَـا إِلى شَمسٍ أَو قَمَـرْ
وَلا ظَنَّ أَنَّـهُ وَلِيدُ انفِجَـارٍ
أَوِ ارتِطَامُ كَوكَبَينِ مُختَلِفَينِ
وَلا كانَ يعلَـمُ أَنَّ العَنَاصِـرَ
المُتَشَاكِسَـةَ المُتَصَارِعَـهْ
فِي انتِظَـارِهْ
وَلا كانَ بِعِلمِـهِ _
أَنَّ المُتَنَاقِضَاتِ عِلَّـةُ الوُجُودِ
وَسَبِيلٌ إِلى وِلادَاتٍ مُتَتَالِيَـهْ
رُبَّمَـا _
كانَ يَعلَـمُ
أَنَّ الهُبُوطَ عِلَّـةُ الصُّعُـودِ
وَأَنَّهُ يَجِيءُ مِن حُفـرَةٍ إِلى حُفـرَهْ
أَنَّ الغَيبَ الّذي مِنـهُ انحَدَرَ
ارتَكَبَ بِحَقِّـهِ جُرمًـا وَبَغَـاءْ
كانَ يَعلَـمُ _
دُونَ عِلـمٍ
أَنَّ الأَرضَ الّتي جَاءَهَـا
استَبَدَّ بِهَـا أَسيَـادٌ مِن سُلالَـةِ أَجدَادٍ
إِمتَهَنُوا الحَـربَ والفَسَـادَ
أَعلَنُوا النَّصـرَ عَلَى الحَيَاةِ
بِارتِكَابِ أَفعَالِ المَـوت ..
رُبَّمَـا _
كانَ يَعلَـمُ أَنَّ المَائِـدَةَ
الّتي سَوفَ يَجلِسُ إِلَيهَـا
فَرَشٍوهَـا زَهـرًا يَابِسًـا
خَـلًّا وَمُـرًّا
عَوسَجًـا وَعِلَّيقا
عَاثُوا خَرَابًـا فِي مُدُنٍ
جَعَلُوهَا مَسَارِحَ لِشَهَوَاتِهِـمْ
إِرضَاءً لِمَآرِبَ شَعـوَاءْ
نَشَرُوا عَلَى امتِـدَادِ الأَرضِ
رَايَــاتِ الهَـولِ وَالبَغضَـاءْ
تَسَـاءَلَ سِـرًّا _
وَفِي العَلَـنِ
أََيَكفِي مَـاءُ البَحـرِ لِغَسـلِ أَوسُاخِهِـم ؟
أَيُّ شَمسٍ بِمَقدُورِهَـا
أَن تُطَهِّـرَ أَرضًـا أَمسَت قَبـرًا ؟
كانَ يَعلَـمُ أَنَّهُـم أَفسَدُوا
حَتَّى المِلـحَ ..
آهِ _
مَا أَصعَبَ العَـودَ إِلى البِدَايَـاتْ !
مَا أَصعَبَ الخُرُوجَ مِن حَضَارَةٍ
لا تُشبِهُـهُ لا تُشبِهُنَـا
إِلى حَضَارَةِ الشِّعـرِ وَالكَلِمَـاتْ !
كَيفَ لَنَا أَن نَفرُشَ الأَحلامَ
أَمَامَ أَبنَـاءٍ وَأَحفَـادْ ؟
………………….
………………….
كَبُـرَ ذَاكَ الطِّفـلُ
إتَّسَـعَ جَسَدُهُ سَعَـةَ الدُّنيَـا
رَأَى إِلى الأُمِّ جِسـرَ عُبُـورٍ
مِنَ الصَّلـبِ إِلى القِيَامَـهْ
رَأَى إِلى حَبِيبَـةٍ تَمسَحُ عَن عَينَيـهِ
غَشَـاوَةَ الشَّقَـاءْ
رَسَمَ خَطـوَهُ عَلَى خُطَاهَـا
رَافِعًـا رَايَـاتِ الحُـبِّ
فَامتَلَأَ الفَـرَاغْ …
تِلكَ حَبِيبَـةٌ _
مِن زَمَنٍ بَعِيـدٍ
عَلَّمَتـهُ أَنَّ الحُـبَّ طَرِيـقُ خَلاصْ
أَنَّ الفَـرَحَ وَلِيدُ الضِّيـقِ
وَالكَآبَـهْ ..
آمَـنَ _
أَن المَرأَةُ لَمَّـا تَـزَلْ رُكـنَ البَيـتِ
شَوقَ العِبَـارَةِ للـوَرَقِ
رَقصَ الوَتَـرِ
عَلَى تَخـتِ القَصِيدَهْ ..
ميشال سعادة
مَسا الأَربعاء
19/10/2022







































Discussion about this post