مدينتي
بقلم/ هند زيتوني
أيتها المدينةُ مقصوصةُ الجناح
مثقوبةُ القلب
ها أنا أقفُ خلف القضبان
أهشُّ على ذئابِ الوقت
أراقبُ أصابعك المبتورةَ
وأجفِّفُ دمكَ بملحِ القصيدة
أيتها المدينةُ الناّئمةُ على جرحٍ ملتهب
كيف أسقيكِ رشفةًً من نبيذِ الصّحو؟
أنا طيرٌ مذبوح
لا أستطيعُ أن أبتسمَ أو أهزَّ ذيلي بفرح
ابتلعُ غصَّتي بصمتٍ وأدفنُ رغباتي في ترابِ الفراغ
رأسُ المدينةِ الآن خالٍ تماماً
من القمل والحشرات
كانت مسجونةً تحت الأرض
تأكلُ خيبتها وتشربُ ماءَ الحسرة
نزعنا السّكاكينَ المزروعةَ في صدرها
وألقينا بألغامِ الخوفِ بعيداً
صلَّينا صلاةَ القدِّيسين على شفرةِ العودة
لم يكن يكفي أن نأتي
بالسّيميائيين ليخرجوا الأفعى من الوكر
أو نحرقَ كتبَ الفلسفةِ والحقيقةِ ونلعنَ الوقت!
قتلنا آلهةَ الأرضِ الشّريرة
بغفلةٍ عن ذئبِ النّوم وأشجارِ العاطفة
التّابوتُ مغلقٌ بصمغِ الآهات وبأصابعِ التّشهّد
مزيَّنٌ بباقةٍ من أشواكِ الهلع والجماجم
التّابوتُ كمنجةٌ نعزفُ عليها لحنَ الجنازة
أخيراً ماتتْ آلهةُ الأرض!
كما ماتَ إلهُ نيتشة
سنصنعُ من جلدها سجَّاداً فاخراً للحمَّامات
ومن عظامها عكاكيزَ للكلابِ الهرمة
ومن عينيها مصابيح
لنقطعَ شريطَ الليلِ الطّويل
أريدُ عشرةَ صناديقَ من الڤودكا
لأوزِّعها على جيفاراتِ الوطن
ليثملوا ويرقصوا على جثَّةِ الشّيطان
أريدُ عشرةَ صناديقَ من ماءِ الحياة
لأرشَّها على حقول الرّوح المحروقة
أريدُ أن أغنِّي أغنيةً بلا أسوارٍ
وبلا قيود
الانتقامُ وردةٌ سوداء: هتفتْ آلهةُ السّماء
لديكم -مثقالُ ذرَّةٍ- من الحرّيّة فاشتروا أنفسكم
ليس لدينا قهوةٌ مُرَّةٌ لنسقيَ ذئابَ العالم
لا غرفةَ للعزاء
الميتُ سحليَّةٌ نافقةٌ لا تستحقُّ المواساة
لدينا ساحةٌ يعزفُ فيها النّاجون على ناياتِ المعجزة
سنضرمُ الناّرَ في أخشابِ الفرح
سنرمي كلَّ القتلةِ والمأجورين
وسارقي الخبزِ المغمَّسِ بالدّم
سنرقصُ كثيراً كما لم نرقص من قبل.!
سنغنِّي طويلاً حتى تشرقَ الشّمس.
هند زيتوني







































Discussion about this post