بقلم الشاعرة هناء ميكو
وطن وملجأ وملاذ، حبيبةٌ هي…
أتراها العيد أم هي العيدُ نفسه؟
موقنة أنّها الجنّة على الأرض، شمسٌ أنارت ماضيا، وما زالت تنير حاضرا، وستنير مستقبلا.
العائلة
أمّ وأخت وصاحبة وصديقة، اسمها مقرون بأسماءٍ أخرى، روحها تنصهر مع من يعشقها من نفس فصيلة الدّم، أو توائم الأرواح، لينسجما في مكنونٍ واحد.
سخيّة لمن يقبل عليها بخطواتٍ ثابتة، تبادله الشّعور مهرولة، أمّا من يستغني عنها بإرادةٍ، فهو قطعا من الدّخلاء.
تاريخ ميلادها هو نفس تاريخ ميلادك، يكرّس للمشاعر والأحاسيس معانيَا وحيوات.
اسمٌ يرمز للبدايات،
فعل ومسؤولية يعبّر عن أحداث،
حركات تشكّل جملا متألّقة،
تراكيب وفقرات نادرة،
نصوص وقصص وروايات،
ألوان ومواد ولوحات،
موسيقى حياةٍ كريمة، لا يصدأ معدنها بتعاقب الفصول والمجرّات، تعكس حقيقةَ الموجودات،
أجمل وأرقى القيم والإنسانيّات.
عيد يومي يعزف شذى ألحان البنين والبنات، كما يشتهيه الأمل واستمراريةٌ بالحضن والعناق والقبلات،
كما الصّبر على المصاعب والمحن والآلام،
مرتعٌ تتراقص فيه المشاعر شرفا على نغمات الانسجام والقهقهات،
على قفشات الإخوان والأخوات،
على سكون وحركات،
يتبسم فيه الفتح والكسر والضمُّ حياة.
ببساطة، هي لغة كونيّة لا تشبه أيَّ لغة أخرى.
إذا كانت كلّ البيوت لها أسقفٌ من طينٍ وإسمنت وحديد، فالعائلة سقفها شفافٌ يعكس بريق جوهر الأرواح، كنزٌ لا يفنى ولا ينضب، له صيت.
الحبّ فيه دون مقابل، معطاءٌ، سخيٌّ،
العطاءُ فيه طبعٌ يغلب التّطبّع.
حبلٌ سرّي لا ينقطع، موصولٌ بصلة الدّم،
لا يمكن التّخلّص منه،
منّا وإلينا تجري في عروقه الحياة.
مجتمع مصغّر، كالحبِّ يقتله الإهمال وينعشه الاهتمام،
لا يعرف قيمتَه إلّا من فقده.
خليّة نحل أساسية وأوليّة في المجتمع.
أتدرون متى تتشتّت العائلة؟
حينما يهرب الحبّ والتّقدير والتّعاونُ والتّآزر في السّرّاء والضّرّاء،
ويحلّ مكانها النّفورُ والأنانية.
نواة يؤسّسها الأب والأمّ، مبدؤهما الأخذ والعطاء، استثمار عاطفي فطري جامح، ونعمة يهبها الله لمن يستحقّها،
ولمن يعرف قيمتَها ودورَها في الحياة.
من فقد العائلةَ، فقد الكثير:
فقد الدّفءَ والمحبّة،
فقد المشاركةَ اليوميةَ للأفكار والأحاسيس الفائضة، دون حسيبٍ أو رقيب،
فقد الحضن الّذي ينتشلك من الضياع،
في براثن الوحدة والاحتياج،
لمن هبَّ ودبَّ، ممّن ليس في قلوبهم رحمةٌ أو شفقة،
خصوصا في الأوقات العصيبة وأنت تتوجّع.
العائلة حجر ثمين، كلّما لامستَه وطرقت بابَه، لا يزيدك إلّا لمعانا وبريقا،
جمال ورحمة رباّنية تخصّ من في قلبه الإنسانية الحقّة.
اللوحة من إبداعي
Discussion about this post