فوضى صور
بقلم/ هيثم الأمين
صورٌ على الجدارْ
وأنتَ تعبُرُ
في وجوههم
كما يعبرُ الجنود في هزيمتهم الأخيرةِ
لكنّكَ كنتَ تُدندنُ
وظلالك، خلفكَ، تنبحُ كجراء فضوليّة ومشاغبة
وتتعقّبُكَ
خطواتك الثّقيلةُ
كمخبر مكلّف بمراقبتِكَ
وهي تكنّس أثرَكَ الّذي خلفكَ
حتّى لا تقتفيكَ أصابعهم في البراويزْ
فتُخرجكَ من المشهدِ
كما نبيّ ما آمنت به إلّا ثنيّات الوداعْ!
صورٌ على الجدارْ
وأنتَ تعبُرُ في وجوههم
لتصل، ربّما، إلى وجهك؛
وجهكَ الّذي مازال يبتسم ابتسامته العريضة
كما إله صغير
أتقن، لتوّه، كيف يصنع المعجزاتْ!
وجهُك الّذي كاد أن يشبه الهزائمَ
لولا أنّك كنتَ
قد عبرتَ كلّ الوجوه دون أن تتعثّر بكَ.. فيها!
وجهك الّذي سيشبه، ربّما، وجهك الأخير؛
وجهك الأخير الّذي سيكون صورة على الجدار…
صورٌ.. وتُكلّمُكَ الطّاولةُ!
تسألك: عن صحّتِك،
عن ساقك الوحيدة: كيف تكتُبُ الطّرقات؟
وعن كوب الشّاي الثّاني: لمن أعددتهُ؟!
وتضحكان، حدّ البكاء، حين تخبرها
أنّ كوب الشّاي الثّاني
لحبيبتي الّتي لم تعدني، يوما بالزّيارة؛
حبيبتي “لوليتّا” الّتي لم أر منها إلّا عينيها العسليّتين!
صورٌ.. ومازال الكرسيُّ،
في الزّاوية،
يعاني من آلام المفاصل
ويُطعمُ صغار الحكايات
من عطر امرأة جميلة!
امرأة استقرّت في ذاكرته كرصاصة؛
امرأة
كانت ستُحبّكَ لو أنّك كنتَ أهمّ من شاعر يكتب قصائد نثر
ولو كنتَ أكثر جرأة
لتحدّق في عينيها
ثمّ تقول لها:
“جميلة أنت جدّا كألف صلاة في القدس” …
صورٌ كثيرةٌ.. وتثرثر لك خزانة الملابس:
عن معاطفك الباردة وهي تتدلّى من المحامل الخشبيّة
كجثث لبحّارة أعدمهم “الأميرال” خوفا عليهم من الوقوع في الحبّ!!!
عن بناطيلك وسراويلك
وهي تنظّر للحبّ وللجنس
وتجفّف شهوتها على الشّواطئ المشمسة
وتثرثر لك
خزانة ملابسك
طويلا
وهي تضحك
عن وحدتك البدينة وهي تقف أمامها،
بالسّاعات،
بحثا عن ملاءة، بمقاسات وطن، تستر عورتها…
صور على الجدارْ،
صور كثيرة جدّا مبعثرة من مئات الألبومات
وأنتَ
تمسح عنك وجهك الأخير بوجه قديم صادفك في صورة
وتضمّ وسادتك إلى صدرك
كمشهد دراميّ
جمع بطَلَيْ فيام “تيتانيك” عند مقدّمة السّفينة
وتنتظر أن يغرق سريرك، بالكامل، في اللّجّة الورديّة
لكنّ
الأطفال في الخارج
يصطادون أحلامك بصراخهم
ويعلّقون وجهكَ صورةً على جدار…
هيثم الآمين
Discussion about this post