واحة الصائمين
[ الحلقة الخامسة والعشرون ]
قصة أول اعتكاف في رمضان وكيف سنّه النبي ﷺ
قال الله تعالى:
وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ (البقرة: 187)
ما هو الاعتكاف؟
الاعتكاف عبادة جليلة يتفرغ فيها المسلم لربه، منقطعًا عن الدنيا، متوجهاً إلى الله تعالى بالعبادة، في ظل أجواء إيمانية مفعمة بالسكينة والخشوع. وهو من السنن النبوية التي دأب عليها النبي ﷺ، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، طلبًا لليلة القدر.
كيف بدأ الاعتكاف في الإسلام؟
الاعتكاف لم يكن غريبًا عن العرب قبل الإسلام، فقد كان بعض الناس يعتكفون في الكعبة، لكن دون ضوابط شرعية. وعندما جاء الإسلام، نظم الاعتكاف، وربطه بالعبادة الخالصة لله، بعيدًا عن الشرك والممارسات الجاهلية.
أول اعتكاف للنبي ﷺ في رمضان
كان النبي ﷺ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه، اعتكف عشرين يومًا، كما جاء في الحديث الصحيح. وكان يضرب له خيمة في المسجد، فينقطع فيها عن الدنيا، ويشتغل بالقرآن والذكر والصلاة والدعاء.
حرص النبي ﷺ على الاعتكاف
ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان النبي ﷺ يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.” (متفق عليه)
كان النبي ﷺ يحث الصحابة على الاعتكاف، حتى اعتكف بعضهم في المسجد حُبًا في العبادة والتماسًا لليلة القدر.
حكمة الاعتكاف وأهميته
الاعتكاف ليس مجرد بقاء في المسجد، بل هو مدرسة تربوية عظيمة تغرس في القلب:
إحياء القلب بالإيمان: حينما ينقطع المسلم عن الدنيا، يُقبل قلبه على الله أكثر.
تحقيق الخشوع والانقطاع لله: بعيدًا عن صخب الحياة.
التفرغ للعبادة والتأمل: مما يعزز الارتباط بالله.
تحري ليلة القدر: التي هي خير من ألف شهر.
اعتكاف النبي ﷺ والعشر الأواخر
عندما رأى النبي ﷺ أن ليلة القدر قد تكون في العشر الأواخر، اعتكف فيها كلها.
في إحدى السنوات، بدأ اعتكافه في العشر الأُوَل، ثم العشر الأواسط، حتى بلّغه الله أن ليلة القدر في العشر الأواخر، فانتقل إليها.
كيف نطبق سنة الاعتكاف اليوم؟
الاعتكاف الكامل: وهو البقاء في المسجد طوال العشر الأواخر.
الاعتكاف الجزئي: كالبقاء في المسجد من المغرب إلى الفجر.
اعتكاف البدائل: يمكن لمن لا يستطيع الاعتكاف الكامل، تخصيص وقت للعبادة والذكر في بيته، بعيدًا عن الملهيات.
قال النبي ﷺ:
“من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه.” (متفق عليه)
اللهم اجعل لنا في هذه العشر الأواخر نصيبًا من الاعتكاف، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
انتظرونا في الحلقة القادمة من “واحة الصائمين”!
كل عام وانتم بخير
Discussion about this post