واحة الصائمين
[ الحلقة الثالثة و العشرون ]
☆ رمضان..
تاج الزمان وزهرة الأيام☆
رمضان.. تاج الزمان وزهرة الأيام
في كل عام، يطلّ علينا رمضان كضيف كريم، لا يشبهه شهر ولا تضاهيه أيام.
إنه الشهر الذي تزينت به الليالي، وتعطرت به الأجواء، وتجلت فيه رحمة الله بعباده.
فهو تاج الشهور، يعلو على كل الأزمان، وزهرة الأيام التي تتفتح فيها أبواب الخير، وتتنزل فيها الرحمات، وتعلو فيها الأرواح في مدارج القرب من الله.
رمضان تاج الزمان لأنه:
أفضل الشهور على الإطلاق: اختصه الله بنزول القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ﴾ (البقرة: 185).
فيه ليلة القدر: التي هي خير من ألف شهر، وهي الفرصة العظمى لمغفرة الذنوب وعتق الرقاب.
شهر تُرفع فيه الأعمال: وتضاعف فيه الحسنات، وتغلق فيه أبواب الجحيم، ويعتق الله عباده من النار.
موسم التجديد الروحي: فيه تصفو النفوس، وتزكو القلوب، ويتجدد العهد مع الله.
شهر الرحمة والمغفرة: حيث قال النبي ﷺ: “أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.”
وزهرة الأيام لأنه:
يعمر القلوب بالطمأنينة والسكينة: فلا شيء يشبه لذة الصيام، ولا بهجة الإفطار، ولا السكينة التي تغشى القلوب عند قيام الليل.
يزرع فينا حب الخير والإحسان: فنجد الناس يتسابقون في الصدقات، ويحرصون على إطعام الفقراء، وتزدهر موائد الرحمن في كل مكان.
يجمع العائلات: فتجتمع الأسر حول موائد الإفطار والسحور، ويتقارب الأقارب والجيران في أجواء من الألفة والمودة.
يُصلح النفوس: فالكلمة الطيبة، والتسامح، وكظم الغيظ، تصبح سمتًا للصائمين.
كيف نجعل من رمضان تاجًا في حياتنا؟
الصيام بشروطه القلبية: فلا يكون الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل صيام القلب عن الحقد، وصيام اللسان عن الغيبة، وصيام العين عن النظر الحرام.
الإكثار من ذكر الله: فرمضان فرصة لأن تلهج الألسنة بالتسبيح، والتهليل، والاستغفار، والدعاء.
تحري ليلة القدر: فهي مفتاح التحولات الكبرى في حياة المؤمن، قال النبي ﷺ: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.” (متفق عليه).
الاجتهاد في العشر الأواخر: كما كان يفعل النبي ﷺ، حيث كان يوقظ أهله، ويشد مئزره، ويحيي الليل كله.
الاستمرار على الطاعة بعد رمضان: فالمؤمن لا يتعبد ربه في رمضان فقط، بل يجعل من رمضان نقطة انطلاق لحياة أكثر قربًا من الله.
ما بعد رمضان؟
لا يكن رمضان مجرد محطة مؤقتة: فالمؤمن الصادق لا ينقطع عن الطاعة بانتهاء الشهر، بل يواصل مسيرته الإيمانية.
المداومة على الأعمال الصالحة: فالله يحب العمل الصالح المستمر ولو كان قليلًا، كما قال النبي ﷺ: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.”
صيام النوافل امتدادًا لبركة رمضان: فمن لم يشبع من لذة الصيام، فليواصل صيام الست من شوال، وصيام الاثنين والخميس، والأيام البيض.
المحافظة على القيام: فلا ينبغي أن يكون التهجد مقتصرًا على رمضان، بل ليكن جزءًا من حياتنا حتى بعد رحيله.
التعلق بالقرآن: فلا نهجر المصحف بعد رمضان، بل نستمر في تلاوته والتدبر فيه.
قال الحسن البصري:
“إن من علامات قبول الحسنة، الحسنة بعدها.”
اللهم اجعل رمضان نورًا في حياتنا، وتاجًا على أعمارنا، وزهرةً لا تذبل في قلوبنا!
انتظرونا في الحلقة القادمة من واحة الصائمين!
كل عام وانتم بخير
Discussion about this post