هَلْ تَذْكُرِين ؟
لَهَـا..
أَمْسِ سَمِعْتُ الرِّيحَ
قالتْ _
أَصْغِ إليَّ جَيِّدًا
يا أَنِيسَ الكُتُبِ
أَنَا دَفَعتُ حُرُوفيَ إلى دَفتَرِكَ
كُنتُ حَمَلْتُهَا منْ نِثَارِ المَوجِ
ماذا لوقَرَأتَ تَحَوُّلاتِي
بَعِيدًا من نَفْسِكَ
ونَظَرتَ إلى الأُفُقِ ؟
لا فَقْرَ هُناكَ
لا جُوعَ .. لا غُبَارَ
لا كَوَاكِبَ تَبكِي
كَأَنْ لا مَاضِيا
لا تارِيخَ لأوجَاعٍ
لا مَتَاحِفَ لِعِظامِ مَنْ هَلكُوا
لَكِنَّ بُكاءً يُرَحِّبُ بالقَادِمينَ
على صَهوةِ الأبجَدِيَّةِ
وَمَوْتًا يَجِيءُ يَطُوفُ الأمْكِنَةَ
يَقْطِفُ مَنْ أيْنَعَتْ رؤُوسُهُمُ
أَمْسِ _
مَرَرْتُ بِبَيرُوتَ اليَابِسَةِ
سأَلَتْنِي سَاحَةُ البُرجِ _
مَنْ بَدَّلَ للشُّهَداءِ مَكانَهُم ؟
مَنْ عَلَّقَ مَشَانِقَهُم للمَرَّةِ الثَانِيَةِ ؟
ألا يَكفِيكُم في بَيْرُوتَ
ما فَعَلَ الغَريبُ بِكُم ؟
لِمَ أنتُم تَكتُبُونَ الحِقْدَ
وَصُرَاخُ الإخوةِ غَضَبٌ
غَضَبٌ .. غَضَبٌ ؟
يَا طِيبَ غَضَبٍ
لا يَعرفُ البُغضَ !
زَمَانْ
زَمانْ كانَ للأَرزِ أن يَتَكَلَّمَ
للثَّلجِ أن يُلبِسَكُم ناصِعَ بَياضِهِ
كان لأبجَدِيَّتِكم فَضَاءٌ رَحبٌ
بَدَّدَ يَومَها _
أوهَامَ وأحلامَ من ظَنُّوا
يَقتُلُونَ أمجَادَكم
أَمسِ
قالَ ليَ البَحرُ _
لَطالمَا غَسَّلتُ أرجُلَ الّذين
مَاتُوا عَنكُم
جالَسْتُ صيَّادي الأسْمَاكِ
حاوَرتُ شِباكَهم
مَلَأتُها
روَيتُ لهم تاريخَ الماءِ
قال مَوجِيَ العَاتِي _
مَزَّقَ الإنسانُ الأوَّلُ غِشاءَ مَـائِي
بدأ رحلَتَهُ مَنفِيًّا بين الإرضِ والسّماءِ
كان للنَّفيِ طَعْمٌ آخَرُ
كان التَّعَبُ طَيِّبَ المَذَاقِ
أَمسِ _
لَمَحتُكِ في الطَّريقِ الى المَعرِفَةِ
ليسَ في يَدَيكِ غيرُ قلَمٍ ودَفتَرٍ
كان للوَردِ أن تَرَكَ لَونَهُ على شَفَتَيْكِ
وَعِطرَهُ في حديقَةِ وَجنَتَيْكِ
هل تَذكُرِين ؟
كتبْتُ يومَها قَصائِدَ حُبٍّ
على وَجهِ نَجمَةٍ مَرصُودَةٍ لِعَيْنَيْكِ
تعرفُ هذي القَصَائِدُ
كيف تَطِيرُ إلى مِعصَمَيْكِ
ويَعرِفُ الحُبُّ كيفَ يستَريحُ
في حُضنٍ ما نَضَحَ غيرَ ماءِ الحَنانِ
حَمَلَتْ هذي القَصَائدُ حُبِّي
على جَنَاحِ المَاءِ
ضَلَّتْ من زَمَنٍ طَريقَ العَودَةِ
لكنْ ها هيَ اليَومَ تَعُودُ عاشِقَةً
تَعتَذِرُ _
ماذا تَريدُ أنتَ مِنِّي ؟
أدَّيتُ مَهَمَّتي
جِئتُ سَريرَكَ أنامُ
على هَمْسِ مَزَاميرِكَ
ألتَحِفُ ماءَ حُبِّكَ
كنتُ تَسَلَّقْتُ هِضَابًا وجبالًا
هَبَطتُ أودِيَةً
ها أنا عُدتُ
دَلَّتْنِي عَليكَ جِرَاحُكَ
الّتي لا تَزالُ
في
طَريقِها
الَيَّ ..
ميشال سعادة
Discussion about this post