سلسلة تسرد
التُّراث الشَّعبي في رمضان
بقلم/ د. دعاء محمود
يعد كحك العيد أحد أهم وأبرز الطُّقوس التى ترتبط بعيد الفطر المبارك، خاصة عند المصريين، ومعهم البسكويت بأنواعه والغُريبة وغيرها من الحلويات الأخرى، ويحرص الكثير على تجهيزها فى المنازل وعدم شرائها جاهزة قبيل انتهاء آخر أيام شهر رمضان المبارك من كل عام، وذلك سعادة لإتمام صيام الشَّهر الكريم، لتكون مكافآتهم هى تلك الحلويات بنهاية الشَّهر الكريم وفرحة بحلول عيد الفطر المبارك.
ويعتبر المصريون هم أقدم الشُّعوب التى قامت بصناعة الكعك، والذى يرجع إلى تاريخ مصر القديمة، أو مصر الفرعونية كما يطلق عليها البعض، وكان حينها يطلق عليه اسم “أقراص” لكونه مستدير الشَّكل وربما يشبه قرص الشَّمس، وذلك لوجود صورًا مفصلة لصناعة كعك العيد على جدران مقابر طِيبة، ومنف ومقبرة الوزير رخمي رع، من الأسرة الثَّامنة عشرة، هو أكبر إثبات على أن صناعة الكعك صناعة مصرية قديمة ترجع إلى عصور ما قبل التَّاريخ.
استمرت صناعة الكعك طوال التَّاريخ بين المصريين عبر العصرين اليونانى والرُّومانى، مرورًا بالعصر البيزنطى، إلى أن وصل إلى العصر الإسلامى لاسيما فى عهد الدَّولة الطُّولونية فى مصر 868 – 904م، حيث كان يصنع حينها فى قوالب خاصة، وانتقلت صناعته إلى الدَّولة الإخشدية وأصبح من أهم مظاهر عيد الفطر حينذاك، وهنا تجب الإشارة إلى أن بعض المؤرخين ينسبون صناعة كعك العيد إلى العصر الطُّولونى فى مصر، وإن كانت الشَّواهد الأثرية تثبت أن المصريين القدماء قاموا بصناعته أيضًا.
وفى عصر الخلافة الفاطمية فى مصر، 909 – 1171م، اهتم الفاطميون بإبراز كل الأعياد الدِّينية والاحتفاء بها وإضفاء مظاهر البهجة عليها بين المصريين، فقد اهتموا بصناعة الكعك فى عيد الفطر، حيث كان الخليفة الفاطمى يخصص مبلغ 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، وكانت المخابز تتفرغ لصناعته من منتصف شهر رجب؛ ثم أنشئت بعد ذلك ”دار الفطنة”، وهى دار مخصصة لصناعة كعك العيد فقط.
وقد استمر المصريون في صناعة الكعك والاحتفاء بالعيد في مظاهر تعكس روح الألفة بين الجيران، والأقارب.
حيث يتجمع الأهل، الأصدقاء والجيران في المناطق الشَّعبية لصناعة الكعك والبسكويت، يشترك في إعداده الكبير والصغير، الرِّجال والنِّساء، في جو بهيج، فمنهم من يُعد الأقراص، ومنهم من يقوم بتشكيل العجين، وآخرون يحملون الكعك لخبزه في الأفران.
وقد اعتاد المصريون على صناعة الكعك في المنازل، والحارات الشَّعبية أمام البيوت ساهرين في إعداده حتى آذان الفجر في حالة فريدة من الفرحة، والتَّرابط بقدوم العيد.
أهل الله لنا الأعياد بالفرحة، والخير.
الكاتبة الصَّحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post