واحة الصائمين
[ الحلقة الحادية والعشرون ]
رمضان فرصة للتغيير
الحقيقي
قال الله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (الرعد: 11)
رمضان.. بوابة التحول العميق
رمضان ليس مجرد شهر نؤدي فيه العبادات ثم نودعه لنعود إلى ما كنا عليه من قبل، بل هو فرصة ذهبية للتغيير الحقيقي، وإعادة ترتيب الأولويات، والانطلاق نحو حياة أفضل. كثيرون يشعرون مع اقتراب رمضان من نهايته بالأسى، وكأنهم فقدوا كنزًا ثمينًا، والسبب أنهم عاشوا خلاله روحًا جديدة، ووجدوا لذة القرب من الله، والراحة في الطاعات.
لكن، السؤال الأهم: كيف لا يكون رمضان مجرد ذكرى عابرة، بل نقطة تحول حقيقية تستمر معنا طوال العام؟
رمضان.. مدرسة التغيير الذاتي
رمضان يثبت لنا أننا قادرون على التغيير؛ فهو يجبرنا على ضبط النفس، والتحكم في الشهوات، وتقوية الإرادة، والتخلي عن العادات السلبية. فما الذي يمنعنا من أن يكون هذا التغيير دائمًا وليس مؤقتًا؟
تغيير علاقتنا بالله
في رمضان اعتدنا قراءة القرآن يوميًا، فلماذا نهجره بعده؟ فلنخصص وردًا يوميًا ولو بآيات قليلة.
في رمضان كانت قلوبنا متعلقة بالصلاة، فلنحافظ على ذلك الشعور، ونحرص على الخشوع الدائم.
رمضان علمنا الدعاء والابتهال، فلنواصل التضرع إلى الله في كل وقت وحين.
تغيير أنفسنا وعاداتنا
من استطاع ترك التدخين أو عادة سيئة في رمضان، فليثبت لنفسه أنه قادر على الاستمرار.
من تمكن من ضبط لسانه عن الغيبة والنميمة، فليجعلها منهجًا لحياته.
من اعتاد الصبر وكظم الغيظ، فليكن رمضان انطلاقة له ليكون أكثر حلمًا وهدوءًا.
تغيير علاقاتنا بالناس
في رمضان حرصنا على صلة الرحم، فلماذا نعود للقطيعة بعدها؟
اعتدنا على الكرم والعطاء، فلنحافظ على روح الصدقة والبذل طوال العام.
في رمضان، كنا أكثر لطفًا ورحمة، فلنحاول أن تكون هذه أخلاقنا الدائمة.
قال رسول الله ﷺ:
“أفضل الناس من طال عمره وحسن عمله” (رواه الترمذي)
كيف نضمن استمرار التغيير بعد رمضان؟
المداومة على الطاعة:
ليس المطلوب أن نصلي كل ليلة مئة ركعة بعد رمضان، لكن يمكن أن نحافظ على ركعات الوتر وقيام الليل ولو بركعتين.
الاستمرار في الصيام:
من أجمل ما يثبت أثر رمضان هو صيام النوافل مثل صيام الست من شوال، والإثنين والخميس، والأيام البيض، فهذا يعين القلب والجسد على الاستمرار في روحانية رمضان.
المحافظة على القرآن:
لا تدع المصحف يُغلق بعد رمضان، اجعل لك وردًا يوميًا حتى لو كان صفحة واحدة، فالمهم هو الاستمرارية.
الإكثار من الذكر والاستغفار:
في رمضان اعتدنا التسبيح والاستغفار بعد كل صلاة، فهل نتركه بعده؟ لنحافظ على هذه العادة، فإنها سبب للبركة والطمأنينة.
التخطيط لحياة أفضل:
رمضان يعطينا درسًا في الإدارة الجيدة للوقت، فلنضع لأنفسنا أهدافًا جديدة، سواء في العبادة، أو في تطوير الذات، أو في حياتنا المهنية والاجتماعية.
قال الحسن البصري:
“إن من علامات قبول الحسنة، الحسنة بعدها.”
لا تجعل رمضان يرحل دون أن تترك فيه بصمة في حياتك!
إن كان رمضان قد غيرنا ولو قليلًا، فلنحاول أن نجعل هذا التغيير دائمًا. دعونا نخرج من رمضان ونحن أشخاص أقوى، وأقرب إلى الله، وأكثر محبةً للخير، وأشد حرصًا على العبادة.
هل أنت مستعد ليكون رمضان نقطة تحول حقيقية في حياتك؟
انتظرونا في الحلقة القادمة من “واحة الصائمين”!
وكل عام وانتم بخير
Discussion about this post