هشاشةُ الودِّ
العلاقات الإنسانيّة كزجاج المرايا، تعكسُ صفاءَ القلوبِ حين تُصقَلُ بالودِّ، لكنّها إن تشقّقت، نزفتْ شرخًا لا يندملُ ولو لُمِّعَت بألفِ اعتذار…
قد تكسبُ قلبًا بكلمةٍ تُضيءُ الرّوح كفجرٍ بعد ليلٍ طويل، وقد تخسر بإيماءةٍ عابرةٍ تتركُ في الأعماق ندبةً لا تراها العيونُ، لكنّها تنزفُ صمتًا لا يَبرأ…
بعضُ القلوبِ إن انكسرتْ، لا تُصلِحُها محاولاتُ التّرميم، كزجاجٍ مهشَّمٍ إن جمّعتهُ يدُك، نزفَتْ راحُكَ جِراحًا… فَلِمَ نُلزِمُ أنفسَنا بلملمةِ الفُتاتِ، ونحنُ نعلمُ أنَّ بعضَ الشّروخِ لا تُشفى، بل تتوارى خلفَ البريقِ الزّائفِ؟
حافِظوا على زجاجِ أرواحِكم، لا تُرهقوها برتقِ كسورٍ لا تُجدي، ولا تُحمّلوها وزرَ ودٍّ قد تبخّرَ في ريحِ الجفاء… فبعضُ العلاقاتِ، إن لم تكن عطرًا، كانَتْ رمادًا، وأجملُ ما في الزّجاجِ الصّافي… أنّهُ إن انكسرَ، لا يَقبلُ أنصافَ الحلول.
العُمرُ مرآةٌ، والود زجـــاج
يَرقى الصّفـــاءَ، وفيهِ يُستَوحى السِّراجُ
لكنَّهُ هشٌّ، كنبضِ غمـــامةٍ
يمضي، فتُطفئُ ضوءَهُ ريحُ الحِجـــاجُ
قد تُشرِقُ الأرواحُ من كلمـــاتنا
وتعودُ تشدو، والحياةُ بها ابتِهـــاجُ
لكنْ، بغمزةِ عينِنا، أو همســـةٍ
ينهدُّ بُنيانُ الوفاءِ، فلا يُعــــاجُ
كم ودَّ قلبٌ أن يُرمِّمَ صَــــدْعَهُ
فإذا بجرحِ البَوحِ، يَغرقُ في اللُجـــاجُ
فالزَجْرُ يكسِرُ، والمُحالُ مداوتـــي
جُرحُ الزُّجـــــاجِ، متى انكسرْ، كيفَ يُداجُ؟
فدعِ الّذي هَشَّتْ ملامِحُــــهُ نوى
قد صارَ طيفًا، والدُّجى فيهِ اعتيـــاجُ
وازرعْ بِأرضِكَ وَدَّ مَنْ صانَ الضّيـــا
فالنورُ يَخبو، والصّدَى يَبقى ارتِجاجُ
ليلى بوشمامة
Discussion about this post