رِسَالَةٌ إِلَى أَبِي …
الشاعرة … آمال زكريا
عَالَمٌ يَسرقُ النّورَ مِنْ عُيونِ الفَراشاتِ
وَطَوابيرُ المَوْتَى تَعْبُرُ جَسَدِي قَصيدَةً..
أبي..
لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَمْلَأَ أَطْبَاقَ النُّجومِ بِالصَّلَواتِ،
وَلَمْ أَحْمِلْ لِلمَلائِكَةِ إِلَّا أَكْياسَ وَجَعِي..
كُلَّما ضَاقَتِ الأَرْضُ بِحُزْنٍ،
أَرْكُضُ إِلَى تُرابِكْ..
أَدْفِنُ وَجْهِي فِي عُشِّ الرُّوحِ،
وَأَنْتَفِضُ كَالطَّفْلَةِ الَّتِي تَسْأَلُ:
لِمَاذَا يَخُونُ الظِّلُّ أَصْلَهُ؟
أَبَتَي…
كُنْتَ ظِلّاً يَمْسَحُ خَرَائِطَ الْغِيَابِ،
وَالْغَابَاتُ تَتَنَفَّسُ ظِلَالاً..
لَكِنَّنِي
لَمْ أَعْشَقِ الْبُكَاءَ عَلَى أَلْعَابِ الطُّفُولَةِ،
وَإِنَّمَا أَدْمَنْتُ قَلَماً يَقْطُرُ مِنْ ذِكْرَاكَ حِبْراً..
حِينَ مَسَحَتْ يَدَاكَ خَطَوَاتِي الأُولَى،
تَعَلَّمَتْ أَنَامِلِي أَنْ تَنْسَجَ مِنَ الْحَرِيقِ وَطَنَاً..
صَعِدْتُ سَرْجَ الْكَلِمَةِ،
وَحَلَّقْتُ فِي فَضاءٍ يَخْتَنِقُ بِالْمَجَازِ..
نَحْنُ..
جَمَاعَةُ الْقَصِيدَةِ الَّتِي تَمْصُّ نَارَهَا،
وَتَنْسُجُ مِنْ جَمْرِ الْحُرُوفِ سُلَّماً..
أَبَتَي..
لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُ كَيْفَ يَذْبُلُ الْيُتْمُ،
فَقَدْ صَيَّرَتْنِي الْقَافِيَةُ شَمْساً تَرْعَاهَا الرَّاءُ..
الرَّاءُ الَّتِي تَحْمِلُ فِي بَطْنِهَا:
رِحْلَةً، رَمَاداً، رِدَاءً..
أَبَتَي.
حِينَ تَنْحَنِي الْأَلِفُ عَلَى جَبِينِ الْكِبْرِيَاءِ،
تُصَارِحُكَ: أُحِبُّكْ..
وَلَكِنَّ الْحُبَّ هُوَ الْحَرْبُ الْأَخِيرَةُ..
Discussion about this post