الشعب المصري.. بين زحام التفاهة وانتصار الوعي
________________________
بقلم / أيمن خليل
في زمنٍ تتسابق فيه وسائل الإعلام ومواقع التواصل على جذب الانتباه بأي ثمن وخاصة طيلة شهر رمضان
، وسط سيلٍ جارفٍ من المحتويات المتدنية التي تعتمد على الإثارة والسطحية، يثبت الشعب المصري يومًا بعد يوم أنه ليس مجرد متلقٍ سلبي، بل يمتلك وعيًا يجعله قادرًا على التمييز بين الغث والسمين، وبين الترفيه الفارغ والمحتوى الهادف.
– برنامج “قطايف”.. رسالة نجاح وسط الضجيج
يأتي النجاح الساحق لبرنامج “قطايف”، الذي يقدمه الفنان سامح حسين، ليؤكد هذه الحقيقة.
فقد استطاع البرنامج أن يجذب شريحة واسعة من المشاهدين، ليس فقط لأنه ممتع، ولكن لأنه يقدم محتوى يحمل قيمة فكرية وأخلاقية بأسلوب بسيط وجذاب. إن الجماهير التي انجذبت إلى “قطايف” هي نفسها التي يُقال عنها إنها لا تهتم إلا بالمحتوى السطحي، وهذا يدل على أن الرغبة في المحتوى الهادف كانت موجودة دائمًا، لكنها كانت بحاجة إلى من يُحسن تقديمها.
– المصريون.. جمهور يبحث عن المعنى
قد ينجرف بعض أفراد المجتمع وراء التفاهة، لكنها ليست القاعدة، بل الاستثناء الذي تدعمه خوارزميات منصات التواصل والمصالح التجارية والقنوات الهوائية الواهية .
أما القاعدة الحقيقية، فهي أن المصري بطبعه يبحث عن الحكمة وسط الحكاية، ويحب الضحكة التي تحمل رسالة، ويتعلق بالمحتوى الذي يلامس وجدانه وعقله معًا.
منذ الأزل، والمصريون يحتفون بالفكر والفن الذي يخاطب وجدانهم، من المسرحيات الخالدة، إلى الأغاني التي تصمد عبر الأجيال، إلى البرامج والمسلسلات التي تحمل قيمة حقيقية.
وإذا كان هناك من يروج لانحدار الذوق العام، فإن نجاح “قطايف” وأمثاله يؤكد أن هذا الذوق لم يمت، بل يحتاج فقط إلى من يخاطبه باحترام وإبداع.
– الرسالة واضحة: المحتوى الهادف ينتصر دائمًا
نجاح “قطايف” هو رسالة لكل صانع محتوى بأن الجمهور المصري لا يستهان به، وأن المحتوى الجيد، مهما بدا بسيطًا، يمكن أن يحقق نجاحًا واسعًا متى ما كان صادقًا ويحمل قيمة. فالمصريون، رغم كل التحديات، لا يزالون ينجذبون إلى ما يغذي عقولهم ويثري وجدانهم، في زمنٍ يظن البعض فيه أن اللا معنى هو القاعدة.
إن كان الزيف صوته عالٍ، فالوعي دائماً ينتصر بصمت.
Discussion about this post