رسالة إلي عزيزي الغائب،
الحاضر دائمًا في قلبي،
هذه رسالتي الثالثة عشرة إليك،
وما زلت لا أعرف إن كان الغائب يعود يومًا، أم أن الغياب قدر لا رجعة فيه.
أكتب إليك اليوم، ليس لأني أفتقدك فقط، ولكن لأن الحياة تستمر رغم كل شيء، ورغم أنك لم تعد جزءًا منها كما كنت.
أتعلم؟ بالأمس اكتشفت أنني لم أعد أتحدث عنك كثيرًا. ليس لأنني نسيتك، ولكن لأنني تعبت من تكرار القصة نفسها.
الناس يسألون، وأنا أجيب بإجابات مختصرة،
كأنني أحاول اختزالك في جملة أو اثنتين، رغم أنك كنت تمتد في حياتي كفصل طويل لا نهاية له.
كنتَ تقول دائمًا إن بعض الأماكن تحمل أرواح من مروا بها، وإن الذكريات تُطبع في الجدران كما تُطبع في القلوب.
بالأمس مررت بالمقهى الذي كنا نجلس فيه، ووجدته مغلقًا. شعرت بحزن غريب، كأنني فقدتك مرة أخرى، كأن المدينة قررت أن تمحو آثارك شيئًا فشيئًا، وكأنني سأستيقظ يومًا ولا أجد أي علامة تدل أنك كنت هنا.
هل تذكر أحلامنا المؤجلة؟ ذلك الكتاب الذي كنا ننوي قراءته سويًا، المكان الذي كنا نحلم بالسفر إليه، الأشياء الصغيرة التي كنا نقول إننا سنفعلها يومًا ما؟ لم أفعل أيًا منها، ربما لأنني لا أريد أن أحققها وحدي، وربما لأنني أخشى أن أفعلها ثم أكتشف أنها لم تكن تستحق كل هذا الانتظار.
في الأيام الماضية، فكرت كثيرًا فيما كنت ستفعله لو كنت هنا. كيف كنت ستواجه هذا العالم المزدحم بالصخب والضوضاء؟ كيف كنت ستتعامل مع كل هذه التغيرات التي لا تتوقف؟ هل كنت ستظل كما أنت، أم أن الحياة كانت ستغيرك كما غيرتنا جميعًا؟ لا أعرف، لكنني أفضّل أن أحتفظ بصورتك كما هي، دون أن أسمح للزمن بأن يعبث بها.
عزيزي، في كل مرة أكتب إليك،
أشعر أنني أحررك قليلًا،
أو ربما أحرر نفسي منك.
لا أدري إلى متى سأستمر في إرسال هذه الرسائل، لكنني أعلم أنني سأكتب إليك طالما أنك ما زلت حاضرًا في قلبي.. ربما سأتوقف حين يتوقف قلبي.
يكاد الحنين أن يفتك بي.
لعلنا نعود،
لعلنا نلتقي.
وحتى ذلك الحين،
أرجوك! ابقَ بخير لأجلي.
الرسالة الثالثة عشر –
من سلسلة رسائل “عزيزي الغائب، الحاضر دائما في قلبي”
– نيكول نادر
Discussion about this post