بقلم الدكتورة بهيّة الطشم
دور التّنويم المغناطيسي (الذّاتي والغيري) في محاربة القلق:
نعيش على الصّحة الجسدية,وكذلك على الصّحة النّفسية فالانسجام النّفسي هو أساس الصّحة النّفسية كي نكون قادرين على تحقيق ذواتنا واستثمار قدراتنا إلى أقصى حدّ ممكن.
ولا غرو,فالصّحة النّفسية تعكس حالةً دائمةً من التّوافق وإن كان بشكلٍ نسبيّ يكون فيها الإنسان متوافقاً مّع نفسه ومّع بيئته (أي شخصياً,انفعالياً واجتماعياً) ,اذ هي حالة إيجابية تتضمّن التّمتع بصحة عقولنا وأجسامنا ,وتغيب عنها عوارض الأمراض النّفسية.
ولعلّ أهم الأقوال الّتي آثرنا البدء بها في هذه المقاربة المتواضعة إزاء فلسفة التّنويم المغناطيسي والّتي تحفر عميقاً في أثلام الدّماغ وحنايا الذّاكرة وهي: ” أعرف نفسك بنفسك Know your self” لسقراط,و”الله يغفر الأخطاء ,ولكن الجهاز العصبيي للإنسان لا يغفرها ” لمؤسس علم النّفس أبراهام ماسلو.
ننطلق من حنايا هذه الأفكار للإضاءة السّاطعة على فلسفة التّنويم المغناطيسي بنوعيه :الذّاتي و الغيري.
والجدير بالإشارة إلى أنّ عقل الإنسان هو بمثابة مغناطيس وما يفكّر به ينجذب إليه, سواء كان ذلك سلباً أو ايجاباً.
لم يكن بدُّ من الولوج أولاً في ماهية التّننويم المغناطيسي وكذلك آثاره على الصّحة العقلية والتّركيز على مدى أهميته في محاربة القلق.
1
تُشكّل فلسفة التّنويم المغناطيسي ضرورة قصوى عند من يرغب اللّجوء إليها أو الإستعانة بها للتّحرر من المشاعر السّلبية واستبدال الطّاقة السّلبية بالطّاقة الإيجابية ومحاربة القلق العارم Anxiety , والحدّ أو التّخفيف من الألم النّفسي.
يقوم التّنويم المغناطيسي على تقنية الإسترخاء بغاية الإبتعاد عن المشاكل والوصول إلى درجة من الصّفاء الذّهني واستثارة اللاوعي.
مّع الإشارة إلى أننّا غالباً ما ندخل في التنويم المغناطيسي الذاتي عبر أحلام اليقظة, أو مشاهدة فيلم معين والإستماع إلى الموسيقى ,وكذلك الخلّوة مع النّفس في جلسة تأملية أو ممارسة تمارين اليوغا.
والأجدر بالأنتباه أنّ الشّخص في التّنويم لا يكون نائماً كلياً أو غير واعٍ أبداً ,كذلك لا يكون بالمًطلق تحت حُكم شخص آخر ,ولن يفعل أيّ شيء لا يرغب بفعله.
إذا ,التّنويم المغناطيسي هو أداة رائعة تقلل من التّوتر وتزيد من قوة الجهاز المناعي ,وكذلك تساهم في زيادة التركيز للقوّة التّفكيرية ,ويمكن إستخدامه للوصول إلى حالة إسترخاء عميقة وخصوصاً قبل الخضوع لاختبار أو الإنخراط في حدث مهم ,حيث تعمل على نقل الشّخص إلى السُّبات بسلاسة والسّيطرة على الألم والتّخفيف من آثار ما بعد الصّدمة والقضاء على الرّهاب( الفوبيا).
وفي الخلاصة, يمكن القول بأنّ التّنويم المغناطيسي يساعدنا في التّكيّف مّع الضّغوط والقلق للسّيطرة على السّلوكيات غير المرغوبة وللتّعامل بمرونة و إيجابية مّع إختلاف المشاكل,والمهم أن لا نفقد السّيطرة على سلوكياتنا ,وأن نبقى أكثر إنفتاحاً للإيحاءات أثناء التّنويم المغناطيسي.
وقد أثبتت الدّراسات السيكولوجية الحديثة فعالية التّنويم المغناطيسي في المساعدة على التّخلص من عادة التّدخين ومعالجة الأرق اللّيلي وتحسين مستوى النّوم, والإفراط في تناول الطّعام.
والمُلفت للإنتباه إلى أنّه لا يمكننا تطبيق التّنويم المغناطيسي على أصحاب الأمراض العقلية الحادّة أو الذُّهانpsychose.
2
ونلتمس أخيراً فلسفة ساطعة ألا وهي: أن أسلوب الانسان lifestyle)) في الحياة ليس بالوراثة,
هذا الأسلوب الّذي يصطنعه الإنسان منذ سنوات طفولته الأولى,ويظلّ ثابتاً في خطوطه الرّئيسية
خصوصاً بمواجهة 3 مشاكل أساسية : المجتمع,الحُبّ الإنتماء, والمهنة.ووفقاً لِما اعتبر آدلر (أبرز روّاد علم النّفس)كذلك اميل دوركايم ( الرّائد في علم الإجتماع) بأنّ الإنسان هو مزيج من صفاته الفردية والصّفات الّتي أوجدها فيه المجتمع.
ويكمن دور السيكولوجي النّاجح في كشف النّقاب عن أسلوب حياة الإنسان ,ومساعدته في جعل أسلوبه متوافقاً مّع نفسه ومّع المجتمع بعيداً عن أصناف التّشرذم النّفسي , أو اللإسواء.
Discussion about this post